حري بينا ونحن نتحدث عما نعيش من تخلف عقلي في قمة عصر العقلانية التي يعيشها غيرنا من الشعوب المتحضرة ، أن نمتلك الشجاعة اللازمة للحديث بعقل المعاصرة المتفتح النير عن البعد التراثي المتجذر في عقولنا لدرجة التقديس والراسخ في وجداننا عن بعض الأحداث وبعض المفاهيم التي شكلت عبر العصور وما زالت تشكل إلى اليوم عناصر مغذية لظاهرة الغلو والتكفير، عل تلمسنا لها ومعرفتها معرفة علمية والقبول بوجودها أصلا يجعلنا نأسس ونبشر بعصر جديد تطبعه العقلانية المنسجمة مع الخطاب القرءاني المطالب في الكثير من الآي باستعمال تلك الملكة الخلاقة الممنوحة لبني البشر والتي تجعلهم “عاقلون” “فاقهون” ” متدبرون” لملكوت خالق الخلق بعيدا عن التفسيرات الموروثة والتي يتحكم فيها سياقها التاريخي وخلفيات أصحابها السياسية والأيدلوجية.
فكما ابتكر الأقدمون علم نقد الرواة (علم الرجال) بتفكير زمانهم وأدواتهم التي لا تصلح علميا وعمليا لمنطق زماننا ، بمناهجه وأساليبه المتطورة ،القادرين بها على نقد أساليب نقدهم في تزكية من يرونه مبرأ من الزلل، بينما تحدثنا كتاباتهم أن ذلك المبرأ كان له موقف من إحدى قضايا زمانه جعلت فئة متمكنة تهمها تلك القضية تزكيته، وتقدح في مخالفيه،لنا الحق في تناول تلك القضايا وفي هذه اللحظة من تاريخينا بالنقد والتحليل تمهيدا لتدشين ثقافة نقد الذات منطلقين من تفكير زماننا بأدواته المحلية والمستوردة تماما مثل ما رفع الأقدمون عن أنفسهم الحرج في استعمال أدوات النحل التي سبقتهم في نقاشاتهم وتحليلاتهم فتلك قضية ليست عيبا وليست دليل دونية ، فمثل ما نجح وفلح فكر غيرنا (الغرب) عند ما امتلك الشجاعة الكافية لنقد ذاته ومورثه والاستفادة من الصالح منه والتخلص من الطالح منه، فأعلونها منذ البداية نقد في الصميم ” الأرض ليست مركز الكون” ” وهي تدور” الحاكم ليس ظل الله في أرضه” وإنما هو كائن توفرت شروط جد عقلية جعلته حاكما، إنه مسؤول أمامنا ولنا الحق في مسائلته ،ومسألته ليست دينا رغم تحوير أسلافنا لها وتكيف النصوص المقدسة لإعطاء تلك المسألة صبغة قدسية مكنت للمستبدين، وهو ما جعلنا ومنذ 14 قرنا مرتهنين لجدلية الحاكم المستبد المدعوم بفقهاء ابتكروا من أفانين التزلف أمورا من سخافاتها لا تضحك حتى البله مثل مقولة ” من قوية شوكته وجبت طاعته” “سلطان جائر سبعين عاما خير من يوم بدون سلطان” من خرج على السلطان فدمه هدر؟
لم يستطع العقل الإسلامي تجاوز هذه المحنة فليس للعقل دور منذ أن هٌزمت حركة الاعتزال على يد خصومها الذين تسببت هي بدورها في تهميشهم وتعذيبهم بالسياط والسيوف حيث استعملت العنف في مواضيع العقل، وكأنها ليست ممجدة العقل عند ما رضخت لأهواء الأمراء ، ورغباتهم الجامحة والمجبولة على اهانة المخالف، أجل عند ما دالت دولتهم خلفوا تراثا سيئا من الإقصاء والتعصب، فتسلقت مجموعات رفض العقل (الحنابلة أساسا) وتصدرت الواجهة، وصارت لها الغلبة والتمكين فازدادت المحن وتراجع دور العقل وانتشر فكر الإقصاء والتعصب، الذي تعود جذوره أو أسبابه إلى مرحلة جيل البناة الذين مارسوه في اللحظات الأولى لمشروع قيام الدولة، بل في أول يوم غاب فيه الرسول عليه الصلاة والسلام وقبل أن يوارى جسده الطيب ، حيث أقصت عملية سقيف بني ساعدة “المحكمة” أهل بيته الأقربين عن الواجهة ، تماما مثل ما أقصت قبيلة الأنصار أكثر الناس تضحية من اجل الإسلام وأكثرهم شهداء.
ورغم أن أحداث ما بعد السقيفة هي في مجملها نتائج لها،ورغم أنها جاءت بمجموعة السابقين إلى الإسلام للسلطة إلا أنها مهدت لقبائلهم حديثة العهد بالكفر ومعاداة الملة بتسلق هرم السلطة ولاة وقادة عسكريين ، فقد أبعد الخليفة الأول والثاني أبو بكر وعمر رضي الله عنهما قرابة رسول الله صلى الله عليه وسلم وأنصاره عن الحكم حيث لم ٌيسندا لأي منهم ولاية مصر ولا قيادة جيش من جيوش الفتح بل قلدا أبناء قبيلتهم (قريش) وحلفائها جل الوظائف القيادية في الجيش والإدارة، إقصاء لم تتناوله البحوث المعاصرة بما يكفي من الدراسة غير المتشيعة مع أو ضد وهو موضوع حري بذلك لفهم الخلفيات الحقيقة لما ترتب عن ذلك الإقصاء من شرخ في الأمة جعل مشروعها الحضاري المتميز الذي كان واعدا ينزل نحو الملك العضضي القمعي إلى يوم الناس هذا.
أسلوب اعتمده الخليفة الثالث عثمان رضي الله عنه بطريقة أكثر وضوحا ومحاباة لأبناء العشيرة وأولو الأرحام فمركز السلطة والمال بسبب ذالك التوجه في أيدي الطلقاء وأنصارهم من هوازن وثقيف آخر من دخل الإسلام من قبائل الحجاز مهبط الوحي تحت سنابك خيول السابقين الأولين من المهاجرين والأنصار الذين لم يصبح لهم موطأ قدم في ظل الدولة التي كانوا نواتها والمدافعين عنها بمهجهم ، فلم تنج حتى ظهورهم من السياط بعد أن أصبحت جماعة الطلقاء وحلفائها التي تعتبرها جماعة الخيرين من السابقين ألد أعداء الإسلام ،لأنهم ظلوا يحاربونه حتى آخر لحظة ،وحتى استفادوا في غالبيتهم من العفو النبوي الذي لخصته العبارة الإنسانية الخالدة اذهبوا فانتم “الطلقاء”.
أجل إنه الأمر غريب أن يكون للطلقاء الذين ظلوا يحاربون الله ورسول نيفا وعشرين حجة -متمسكين بما كان يعبد أبائهم ومألبين القبائل على الدين الجديد- ، أن يكون لهم نصيب من الملك بسبب سياسة المحاباة والحضور الكثيف للقبيلة بقيم المجتمع الجاهلي، وهم جماعة لم ينقها الإسلام بمنهجه السامي ما فيه الكفاية فتم التمكين لمسلمة الفتح في أيام الخليفة الثالث بعد أن مهد سابقيه لعملية الإقصاء ،وهو ما شكل فعلا مأزقا للأمة في ما بعد، ظل حاضرا في جل تجليات الفعل السياسي في الحضارة الإسلامية، نظرا لهالة القداسة التي أحاطه بها فيما بعد علماء البلاط جاعلين من الفعل السياسي الصادر عن الصاحبة أمرا مقدسا داخل في جوهر الدين بل المعتقد من أجل تكريس سلطة الحاكم الفرد المتسلط “ظل الله في الأرض” مزورين في الكثير من الأحايين أحاديث لا تصمد أمام التمحيص حتى بادا وت عصور ما بعد فترة التدوين المؤدلجة جدا وذلك على ما يبدو من اجل تدجين العامة حتى لا تثور على الظلمة.
ولتوضيح هذا الاستغلال الأيدلوجي من طرف الحكام، للدين واستماتة بعض الفقهاء في الدفاع عن ذلك المنهج القبيح، نعرض مجموعة من المفاهيم التي ينبغي أن يتأملها المهتمون ليتمكنوا من تفكيك بعض الرموز الغامضة و بعض المفاهيم المسكوت عنها والتي نعتقد أنها تحتاج إلى إعادة نظر فليس كل الموروث الثقافي، والسياسي دينا، وليس كل ما يقول العلماء من آراء في بعض المواضيع علما، إذ لا تعدوا كونها تعبيرات عن مواقف سياسية ،وتفسيرات شخصية لحدث ما من الأجدر إبراز علاقة العالم به أكثر من تبني مواقفه ، اعتقد أن الأسلوب العلمي يقتضي منا تفكيك بعض هذه القضايا والتعامل معها بعقلانية غير متشيعة مما سيمكننا من معرفة روافد أزمتنا الحالية العميقة والمعقدة ، لأنها مركبة من التراث والواقع المر بكل تجلياته وما له من انعكاسات على مستقبلنا، من هذه المفاهيم التي يوجد في التراث تعريفات شحيحة لها خاصة عند المؤرخين مفهوم الصحبة محدداتها ومستوياتها ، مفهوم العدالة في حقهم بين الإطلاق والتقييد،إطلاق قد لا ينسجم مع القرءان والثابت من أقوال النبي صلى الله عليه وسلم ، باعتبارهما فقط يمثلان الفيصل في هذه الأمور؟ وتقييد لا يروق لرفضة نقد الموروث ، وهم الأكثر تمكنا والأعلى صوتا في حاضرنا الذي سنأسس عليه مستقبلنا ، إضافة إلى التساؤل حول حقيقة الاصطفاف الأيدلوجي مع المذاهب وكيف أصل لثقافة التطرف ؟ وهل التمذهب فعلا من الدين أم من السياسة؟
لعرض هذه الخلفيات ننطلق من مقولة تعرف الصحابي بأنه كل من اجتمع بالنبي صلى الله عليه وسلم مسلما ولو لساعة ومات مسلما فهو صحابي ، وأنهم جميعا عدول ،هذه التعريفات المتجذرة في التراث كحقائق دينية لا يمكن الحديث عن صدقيتها إلا باستحياء وهي تشكل عائقا أمام البحث العلمي الجاد -في المسألة السياسية- بينما هي في الأساس ليست سوى قضايا شحنتها السياسية بمضامين دينية جعلتها أقرب إلى المقدس من حقيقتها الفعلية، حيث ُتقدم في مضمون أيدلوجي يجعل التوفيق بينها وبين النصوص المقدسة مستحيل رغم إخضاع السياسة لها من اجل هدف غير معلن هو الدفاع عن أخطاء قاتلة ارتكبت إبان الصراع السياسي بين الصحابة أنفسهم. إذاً إطلاق العدالة على الكل، والاجتهاد بالمفهوم الديني على الكل أمر لا يخفي تناقضه.
في التراث قلة يقسمون الصحبة إلى مستويين مستوى خاص تفاعل أصحابه مع الرسالة من اليوم الأول بصدق فنقتهم من أدران تراكمات ما كانوا ينتحلون على هدي أسلافهم من الأهواء والجبروت ، وصحبة عامة لم تكتمل شروط الكمال والنقاوة المؤهلة لدرجة المثالية فيها، هذا التقسيم قال به بعض المؤرخين الحياديين وهو الأقرب بالنسبة لنا إلى مناهج البحث العلمي المعاصر إذ يستحيل أن يكون الكل مصيب رغم تناقض القضايا التي تناولوها، والأهداف التي كانوا يسعون لتحقيقها ، والنتائج التي توصلوا إليها ، ومن المستحيل عقلا أن يتساوى من لازم النبي صلى الله عليه وسلم من أول يوم أمر فيه أن [اصدع بما تأمر] إلى يوم أكمل فيه الوعد، لا يمكن مساواة هؤلاء مع من لم يلتقه سوى لبعض الوقت ولم يساكنه، ومن كان يناديه من “وراء جُدٍر”، ومن ظل يحاربه حتى تأكد أن لا منجاة له، وأن خيول الحق معانقة بلعابها خيوط الشمس، وستظل جامحة حتى تطفأ نيران الضلال التي أوقد آبائه، وظل سادنا لها.
الأوائل هم المعبر عنهم قرءانيا “بالسابقين” وهم المجموعة المتسامية عن الكثير من القوادح حيث سغلت مرافقة النبي صلى الله عليه وسلم بواطنهم حسب التغبير “الصوفي” فأصبحوا أناسا مثاليين بكل المعايير، للإيمان حضور مكثف في نفوسهم التي لا يتركون الغرائز تسيطر عليها كثيرا ،هذه الفئة هي التي يٌسمى أهلها في النزر من كتب التراث “بالصحبة الخاصة” ، تقابلها فئة أخرى من الذين صحبوا النبي صلى الله عليه وسلم في مراحل متقدمة من أعمارهم قضا بعضهم جٌلها في محاربته وعناده ، ولم ينقادوا إلا بعد أن حُوصروا وأصبحوا عاجزين عن القيام بأي فعل ، هؤلاء يدخلون في المفهوم العام للصحبة ، وقد فرق القرءان بين المجموعتين في أكثر من موضوع ولتوضيح ذلك سنأخذ منه ما نعتبره سندا قويا لهذا التفصيل والتفضيل ، حوادث ثلاث فقط كفيلة بوضعنا على الميسم الصحيح لفهم هذه المعادلة الواضحة ، الأولي هي حادثة معركة أحد التي حضرها الخواص من المؤمنين وزل البعض منهم ،هذه الحادثة تصل مستوى الكبيرة ونقصد بها التولي يوم الزحف أو الفرار من ساحة الوغى ، وهو فعل عقوبته القرءانية إن انتفى شرطان “النار” ، حيث القرءان واضح وحاسم في المسألة [يا أيها الذين ءامنوا إذا لقيتم الذين كفروا زحفا فلا تولهم الأدبار ومن يولهم يومئذ دبره إلا متحرفا لقتال أو متحيزا إلى فئة فقد باء بغضب من الله ومأوية جهنم وبئيس المصير] لم يتوفر أي من الشرطين في هذه الثلة من الأخيار، فعند ما فروا لم يكونوا متحيزين لفئة لأن أكبر فئة يمكن التحيز إليها هي رسول الله صلى اله عليه وسلم وكان في ساحة المعركة، ولم يكونوا متحرفين لقتال – التكتيك- لأنهم شارفوا البيوت فارين، إَذاً ما قاموا به عقوبتة النار بالنص القطعي ، ومع ذلك حدثنا النص القطعي نفسه عن ثلة الخيرين هذه التي زلت، بأن ما بدر منها معفى عنه دون قيد، قال الحق سبحانه وتعالى في حقهم [إن الذين تولوا منكم يوم التقى الجمعان إنما استزلهم الشيطان بعض ما كسبوا ولقد عفى الله عنهم] وفي أحداث جيش العسرة المشهور بلغ عدد المستَنفرين ما يقرب ثلاثين ألفا ،ومعلوم أن السابقين بأتباعهم وذراريهم لا يصلون هذا العدد، وعند ما تحدث القرءان الكريم عنه خص تلك الثلة السابقة بالبشرى فقال الحق سبحانه وتعالى [لقد تاب الله على النبي والمهاجرين والأنصار الذين اتبعوه في ساعة العسرة] لا يعني هذا أن البقية غير متابٍ عنها وإنما الذي يهمنا هو التخصيص والتنصيص، في غزوة حنين تكرر المشهد فولوا مدبرين لا يلون على شيئ وثبت النبي كما في الأولى وثلة في غالبيتها من أهل بيته الأقربين لم يصل العدد إلى الثلاثين تناول القرءان الكريم هذه الحادثة بأسلوب فيه التقريع الشديد فقال الحق سبحانه وتعالى [ ويوم حنين إذا أعجبتكم كثرتكم فلم تغن عنكم شياء وضاقت عليكم الارض بما رحبت ثم وليتم مدبرين ثم انزل الله سكينته على رسوله وعلى المومنين وأنزل جنودا لم تروها وعذب الذين كفروا وذلك جزاء الكافرين ثم يتوب الله من بعد ذلك على من يشاء] جاء بثم التي تفيد التراخي في التوبة ثم جاء بالشرط على من يشاء ، بينما في حادثة أحد حيث الصحبة الخاصة قال عفى الله عنهم فهذا تفريق واضح بين الصحبتين.
على نفس النهج جاءت الأحاديث حيث الأمر لا يختلف كثيرا في التمييز بين الصحبة مما يجعل مقولة أن الصحابة كلهم عدول مقولة ذات طابع أيدلوجي بل تصطدم بالقرءان الكريم وبالأحاديث النبوية إذا كيف يمكن القول بعدالة بن أبي معيط وقد قال القرءان بفسقه [يأيها الذين ءامنوا إن جاءكم فاسق بنبإ فتبينوا] وكيف نقول بعدالة من قال فيهم الرسول صلى الله عليه وسلم تقتل عمار الفئة الباغية يدعوهم إلى الجنة ويدعونه إلى النار، وهو حديث اتفق الجل على صحته أيمكن أن تدعو مجموعة إلى النار ونقول بعدالتها ؟ الفئة المقابلة كان بها ثمانون بدريا وثمانماة رضواني وجميع المهاجرين والأنصار باستثناء 15-20 منهم من منعته الزمالة ومنهم من ندم على عدم قتال الفئة التي قتلت عمارا ،إضافة إلى حديث يريد علي الحوض أناس من أصحابي فيذادون عنه فأقول أصحابي أصحابي فيقال إنك لا تدري ما أحدثوا بعدك فأقول سحقا سحقا، أيتفق هذا الوصف مع العدالة؟ علما بأنه لم يقل من أمتي وإنما قال من أصحابي؟ آثار كثر ثابتة عن رسول الله صلى الله عليه وسلم واضحة في هذا المنحى الذي يمكن أن يدرج فيه حديث كثيرًا ما يُعترض به أي حديث ” اتركوا لي أصحابي لو انفق أحدكم مثل جبل احد ذهبا” لكن لا يذكر المعترض به غالبا أن هذا الحديث حجة لمن يقول بالصحبة الخاصة فقد نقل في سببه أن عبد الرحمن بن عوف وخالد بن الوليد رضي الله عنهما تشاجرا فقال بن عوف إنه من السابقين فرد بن الوليد بالقول إن هي إلا سنين أو أشهر سبقتمونا بها إلى هذا الأمر فبلغ ذلك النبي صلى الله عليه والسلم فقال اتركوا لي أصحابي علما بأن بن الوليد ليس من الطلقاء بل أسلم عام الحديبية.
ما جرى بين الصحابة أو على الأصح بين السابقين أصحاب الصحبة الخاصة وبين أصحاب الصحبة العامة من الفتن لا يجوز الحديث عنه؟ وهو مسوغ واضح الدوافع إذا كيف يتحدث عنه رسول الله صلى الله عله وسلم في حديث عمار المتواتر تصريحا ، ولا يجوز لنا الحديث عنه ولو تلميحا؟ وكيف لا يجوز لنا الحديث عنها والصحابة اقتتلوا فيها؟ وهي أحداث شكلت انقلابا فعليا على كل ما بشرت به الرسالة من ترسيخ لقيم العادلة وتحكيم شرع الله الذي ارتضى لعباده فعادت بهم إلى قيم الأكاسرة والقياصرة مصحوبة بتأصيلات مغلفة بطابع ديني يحمي الحاكم الظلوم ويشرع قمع المظلومين؟
وتتالت الأحدث وانتشرت الأفكار السياسية كل يدافع عن رأيه ،لكن بالدين أو بإسقاط النصوص المقدسة على قضيته، ونجح الساسة في استغلال الكثير من العلماء فجٌعلت المسألة السياسية مسألة دينية .