في الوقت الذي تعيش فيه دولة مالي أزمة دستورية عميقة يبقي مستقبلها في أيادي سلطة ترتكب الانتهاكات، في الوقت الذي يأتي فيه الانزلاق السياسي على ما تبقي من ديمقراطية بلد ضعيف مسبقا، و يصير فيه شمال مالي في قبضة المتمردين والقوى الخارجية،
في الوقت الذي يصادر فيه الدستور مصادرا من قبل طغمة عسكرية في دفة الحكم،ويجوب فيه رجال المرحلة الانتقالية دول العالم من أجل تطويق الأزمة التي يتخبط فيها البلد.
في الوقت الذي يعقد فيه قادة دول مجموعة غرب إفريقيا اجتماعاتهم في ياموسوكرو في ساحل العاج بغية حلحلة الأزمة المالية،تتأكد فيه شجاعة رجال يتملكهم دافع الكراهية والانتقام والقتل فيتمكنون من شفاء غليلهم بإفراغ شمال البلاد من جميع من يسكنه من عرب وطوارق مهما كان الثمن.
أود أن ألفت انتباه الرأي العام الوطني والدولي إلى أخطار وتهديدات تطهير عرقي الذي يجري الآن في باماكوالتخطيطله ضد السكان من عرب وطوارق في مالي.
وفي الأخير ألفت انتباه مسؤولي مجموعة دول غرب إفريقيا والاتحاد الإفريقي والإتحاد الأوروبي والأمم المتحدة إلى حملة الغسيل العرقي للعرب والطوارق والذي نحس بقدومه ونخشاه.
أيها السادة في الأمم المتحدة والإتحاد الأوروبي ومجموعة دول غرب إفريقيا لقد تم إنذاركم وإعلامكم بأنكم تتحملون كامل المسؤولية عن المجزرة في حالة ما إذا قيم بتنفيذها تحت شعار “التدخل العسكري” لمجموعة دول غرب إفريقيا.
إنكم تتحملون المسؤولية التاريخية لهذا التطهير العرقي الذي نخشى منه والذي يجري التخطيط له في الشمال المالي.
إننا ننتمي إلى مالي ونحن موجودون في إدارتهو في صحافته، إننا في كاتي وباماكو، إننا في الثكنات العسكرية وفي النقل، و في الشارعو في التجارة ونحن على علم بما يجري، وسيكون الشعب العربي والطارقي في مالي موضع الخطر، وفي حالة صراع مفتوح في شمال مالي، فلن يكون هناك تفريق،ولن يكون هناك حي في مأمن للمسالمين والبريئين من السكان المدنين الذين يعانون بدورهم من الابتزازات الإرهابية وكذلك التهديدات بالإبادة التي يسمعونها في كل وقت في شوارع باماكو، و فيالمدنالشمالية.
اليوميخطط لإبادة العرب والطوارق عن بكرة أبيهم بهذه الطريقة وهكذا فلن تكون – حسب رأيالبعض – هناك في المستقبل ثورة في الشمال، وهذا خطأ كبير فليس من الممكن إبادة شعب لأن الشعوب لا تموت.
ما هو خطأ هذا الشعبالأزوادي ؟ إن خطأه الأوحد هو لون سحنته وأنه عربي أو طارقي وأنه يعيش في أزواد موطنه الوحيد منذ قرون،
خطأه الوحيد أنه اجتاحته مجموعات إرهابية لم تأخذ رأيه في ذلك ولم يرخص لها لاحتلال أراضيه،وأباره واستغلال مواشيه وثروته واغتصاب فتياته.المجموعات الإرهابية قسمت صحرائنا وأرست الرعب ودمرت شبابنا.
والخطأ الوحيد لهذا الشعب الأزوادي هو أنه يعيش على أرضه وأرض أجداده التي أتخذها شذاذ الآفاق موطنا لمجموعاتهم المسلحة وكذلك مهربين الذين يعملون في خدمة أسيادهم المتمترسين في باماكوو واغادوغو،فيبركنا فاسو.
إننا لم نستقدم الإرهابيين من الجزائر. إن شعبنا ليس هو تنظيم القاعدة في بلاد المغرب الإسلامي من الذين جاءوا وتمركزوا على مرآي ومستمع من السلطات المحلية المالية التي تجاهلتهم أثناء قدومهم، وقد سمحت لهم أحداث ليبيا وصمت الجزائر والمجموعة الدولية التي كانت تركز جهودها على تدمير الأنظمة العربية بحصولهم على السلاح واحتلالهم للشمال مع التواطؤ الخاطئ للجيش المالي (انقلاب على النظام غير مبرر).
تطالب مجموعة دول غرب إفريقيا باستمرار بقرار خاص من مجلس الأمن في الأمم المتحدة للمصادقة على استخدام القوة في الشمال الماليولكن جيوش المجموعة تجهل كل الجهل الصحراء المالي، وهي لا تهتدي في صحراءنا ولا تفهم في بنيتنا الاجتماعية ولا في قبائلنا ولا عرقياتنا ولا تقسيمنا الجغرافي، وهذه المنظمة الإقليمية لا تملك أي وسيلة تسمح لها بالتفصيل بين ” المسلم العادي من الإرهابي” و ” العدو من الصديق” في حالة اندلاع حرب في المنطقة.
وستكون الخسائر الناجمة عن القتال كبيرة جدا، وسيستغل جنود المنظمة ممتلكاتنا وخزائن غذائنا ويهلكون مواشينا كما فعلوا في أماكن أخرى من غرب إفريقيا. نحنلانثق فيبركنا فاسوولا فيوساطتها ولا فيرجالها الذين يتعاملونمعمهربي المخدرات.
سيكون هذا التدخل العسكري وسمة في جبين شعبنا (العرب والطوارق) إلى الأبد وستكون ألاف الفتيات ضحية للاغتصاب وكل أنواع العنف والاستغلال الجنسي، وستكون الهجمات على المخيمات ممنهجة وغير مبررة،و الأمراض وسوء التغذية والتعسف والحرمان وسنفقد أهلنا وبيوتنا وممتلكتنا.
إن رجالنا نحن (العرب والطوارق) قد استشهدوا دفاعا عن مالي وسيادته وحوزته الترابية وأمن شعبه.
واليوم فإن شعبنا أو ما تبقي منه ينتظر بترقب شديد اجتياح جيوش مجموعة دول غرب إفريقيا لتنقض عليه.
إننا قلقون من السيناريو الذي يلوح في الأفق ويخطط له .
نحن قلقون لأنه بالنسبة للجنود الماليين والجيوش الأجانب أن كل من كانت بشره بيضاء أو ملتحيا أو مرتديا الجلباب فإنه إرهابي وهدف ومبتغي لهم وأن كل مخيم بدوي في الصحراء يعتبرونه مرجعا ومخيما أو مركز إرهاب وتدريب، وأن كل امرأة أو صبي لا بد وأن يكون في خدمة الإرهابيين أو الثوار وينبغي الإجهاز عليه.
وستنضب أو تسمم الآبار ونقاط المياه كما حدث في الماضي أثناء الثورات السابقة، وسيباد كل قطيع حيوانات لكي لا يكون غذاء للإرهابيين أو الثوار.
وهذا هو محض السيناريو الذي يقلقنا والذي يتم التخطيط والإعداد له في بعض الدوائر في العاصمة المالية.
إن الصراع المسلح ينشر بطبيعته الدمار والاعتداء على حقوق الشعوب، وستختفي مدارسنا ومراكزنا الصحية ومستشفياتنا ومدننا وقرانا ومواشينا، وهذا هو الوضع الذي سنعيشه في حالة تدخل قوات منظمة دول غرب إفريقيا في صحراءنا وأزوادنا.
وسيعاني أطفالنا من الناحية النفسية كما حدث معهم في سنة 1963 وفي 1990 وفي 1994 عندما تم اغتصاب أمهاتهم أمام أعينهم وعندما ذبح آباؤهم أو أعدموا أمام أعينهم وكذلك لن يفيد أي تدخل عسكري إلا بإغراق البلد وسكانه في دوامة من الكراهية والعنف المضاد الذي لا ينتهي حاصدا معه الموت في صفوف المدنيين والدمار الشامل والفوضى.
الآن ينزح شعبنا العربي والطارقي في الدول المجاورة تحت لفح الحرارة ووطأة شغف العيش وتحت الخيام لاجئا يمد يديه طلبا للعون، ويعاني الشعب اللاجئ كذلك من الأمراض والحرمان والعزلة.
في حين تترنح الأمهات والأطفال بين العواصم الإفريقية مثل أبيدجان وكوناكيري وداكار واغادوغو وأكرا على أرصفة الشوارع بحثا عن لقمة العيش.
وسيكون شبابنا الضائع فريسة سهلة أمام مكتتبي الجماعات الإرهابية وسيتم تجيشهم وتدريبهم في مواقع التكوين السريع على التعامل مع الأسلحة، وسيستخدمون في الخطوط الأمامية والعمليات التفجيرية في حالة الصراع أو يستخدمون في دول أخرى دفاعا عن عقيدة هؤلاء الإرهابيين.
هذا هو مصدر قلقنا وهذه الحالة المفجعة المنظرة هي نتيجة حتمية لعوامل مرتبطة بالتمييز العنصري ونقص المعلومات وسوء الفهم والحنق وتجاهل الآخر ورفضه والرغبة في الانتقام منه.
إن التحالف الجمهوري لعرب مالي يتمسك بكامل الوحدة المالية وحوزتها الترابية وسيادتها.
إننا ضد الإرهاب والمتاجرة بالمخدرات وقد أوضحنا ذلك أثناء مؤتمرنا في الجمهورية الإسلامية الموريتانية المنعقد في تاريخ 03 – 05 يونيو 2012.
وقد كررنا ذلك رسميا أمام السفراء الأوربيين والهيئات الدولية وحكومات الدولة المجاورة، وسنعمل بمقتضى ذلك بالتعاون مع التكوينات الأخرى للمجتمع المالي وبصفة خاصة المنحدرين من الشمال.
إن رؤيتنا لدولة مالي المستقبل هي رؤية مخالفة لما هو واقع الآن فستكون جمهورية جدية مؤسسة على العدل والمساواة بين مختلف مكونات المجتمع وتسمح لنا بسيادتنا الكاملة على أراضينا الشمالية.
إن ضباطنا وضباط الصف وجنودنا كانوا أوفياء لمالي وهم مستعدون لاستئناف القتال.
وإخوتنا في الحركة الوطنية لتحرير أزواد يحاربون في الوقت الحالي ضد الإرهاب في صحراء أزواد.
إننا ندين كل أنواع التطهير العرقي الموجه ضد شعبينا بالتعاون مع جيوش منظمة دول غرب إفريقيا وبمباركة من الأمم المتحدة.
ونحذر الرأي العام الوطني والدولي ومنظمة دول غرب إفريقيا والأمم المتحدة ونقول لهم : لا تجعلوا من منطقتنا “رواندا” ثانية ولا تجعلوا شعبنا العربي والطارقي شعبا منبوذا ولا “تصوملوا” وطننا.
وقد قال مفكر كبير : “العيش أفضل من الموت ولكن الموت ليست شيئا مقابل المعاناة التي تنتج عن حرب أو إبادة”.
وحسب الأستاذ المحامي والوسيط جان موريست:” فإن تسوية الصراع ليس لها ضحايا ويسمح الاتفاق بالوصول إلى السلام بدون حرب…”
ومن نور الله قلبه فالإشارة تكيفه.
ولقد أعذر من أنذر.
محمد ولد اميديدي
هاتف: – 0022236223136
بريد إلكتروني : [email protected]