كشفت دراسات قام بها باحثون أمريكيون ونشرت نتائجها في العدد الأخير من مجلة الجمعية الكيميائية الأميركية، أن تطوير أنزيم الكالبايين (la calpaïne) يمكن من انتاج نوع جديد من الأدوية المضادة للملاريا.
الكالبايين (la calpaïne) هو انزيم ينظم عمله من قبل الكالسيوم ،ويشارك في مجموعة كبيرة من العمليات والتفاعلات الخلوية، لكنه من جهة أخرى يمكن أن يسبب مشاكل حادة وخطيرة في حال اذا ما تم تنشيطه فوق العادة (overactivated) مثل متلازمة ضمور العضلات، والإيدز، ومرض الزهايمر والتصلب المتعدد، ومرض السرطان.، ومن هذا المنطلق فإن الأبحاث تجري على قدم وساق من أجل إيجاد واستغلال مثبطات لأنزيم الكالبايين (la calpaïne) .
فقد قام فريق من كلية بيرلمان للطب بجامعة ولاية بنسلفانيا، وذلك بالتعاون مع جامعة كاليفورنيا في سان فرانسيسكو وقسم الكيمياء الحيوية والبروتين في جامعة كوينز، بإجراء عدة أبحاث مكنت من اكتشاف وظائف الكالبايين (la calpaïne) وقد وضعت نهجا فريدا لتثبيطه عن طريق محاكاة رد فعل طبيعي مع جزيء توليفها.
واحدة من وظائف الكالبايين (la calpaïne) السيئة هي أنه يخفف من قدرة المقاومة الخلوية للطفيليات مما يسهل غزوها من قبل طفيليات الملاريا المنجلية (Plasmodium falciparum)، وهو المسؤول عن نوع من الملاريا، كما أنه يسهل خروج الطفيليات من الخلايا الموبوءة ليصيب خلايا أخرى. هذه الخاصية جذبت اهتمام الدكتور غرينباوم دورون، أستاذ مساعد في علم الصيدلة، والمسؤول في مركز الدراسات المخبريه حول انتقال مرض الملاريا.
“لدينا إهتمام عميق بهذا البروتين لأنه يلعب دورا هاما جدا في نمو طفيليات الملاريا المنجلية” يقول الدكتور غرينباوم قبل أن يضيف “لقد وجدنا في البداية أن الكالبايين (la calpaïne) يلعب دورا هاما في أن تسريع قدرة الطفيليات على الخروج من الخلية المضيفة لهم، ولذلك فقد اضحت جهودنا منصبة في استحداث مثبطات تكبح عمل الكالبايين (la calpaïne) لدى الإنسان وتسمح بتنظيمه.”
فحص غرينباوم ومعاونيه التركيب البلوري للكالباستاتين calpastatine، وهو المثبط الطبيعي للكالبايين (la calpaïne)، بحثا عن أدلة ” لقد قررنا اتخاذ مقاربة مختلفة عن المسار التقليدي لعمل المثبطات الطبيعية، حيث جرت العادة على تصميم الببتيدات الصغيرة التي تحاكي عمل المثبطات في المستقبلات النشيطة للانزيم،” يقول د. غرينباوم. دراسة الكيفية التي يلتصق بها الكالباستاتين مع المستقبلات النشطة للكالبايين مكنت من اكتشاف جزيئة صغيرة من الشكل الحلزوني ألفا (hélice alpha) هي التي تنسجم مع المستقبل النشط للإنزيم كالبايين، وتعد هذه المرة الأولى التي يستخدم فيها العلماء جزيئة ألفا حلزونية لتثبيط الأنزيمات وقد تم فعلا انتاج الجزيئة المذكورة وهو ما يعد بفتح آفاق علاجية كبيرة للعديد من الأمراض وخاصة الملاريا التي تتزايد مقاومة الطفيليات المسببة لها للأدوية والعقاقير المتعارف عليها. نشير إلى أن مرض الملاريا يضرب بقوة في البلدان الفقيرة ويهدد نصف سكان المعمورة، وقد خلف في 2009 وحدها 800 ألف قتيل أكثر من 90 في المئة منهم في افريقيا وحدها حسب منظمة الصحة العالمية.