نشاط تجاري محموم..عمالة وافدة.. وهاجس أمني حاضر
وادان – محمد ولد زين
نشاط تجاري محموم تعيش على وقعه مدينة “وادان” التاريخية هذه الأيام؛ وهي تستعد لاحتضان النسخة الثانية من مهرجان المدن القديمة في موريتانيا؛ ابتداء من اليوم الأحد.
هدوء المدينة الوديعة التي تأسست 1142 للميلاد؛ والقابعة بين أحضان واديين من “العلم والنخل” على بعد 600 كيلومتر إلى الشرقي من العاصمة نواكشوط؛ كسرته الجموع البشرية المتدفقة عليها؛وهو ما أعطى حركية للمدينة وأخرجها من واقع السكون المهيب الذي خبرته إلا في مواسم “الكيطنه” إلى مركز تجاري نشط تضافرت فيه جهود الساكنة والوافدين لتتحول المدينة التاريخية إلى سوق مفتوحة تتحدث لغة “المضاربة” لا غير.
في الشارع الرئيسي الذي يشق المدينة نحو موقع المهرجان؛ النقطة الأكثر حيوية في المدينة اليوم؛ تفرض عليك التجارة إملاءاتها في مشهد يسابق فيه الجميع الزمن لتحقيق رقم أرباح قد لا يتوفر بعد هذه الفرصة في قارب المواعيد.
الساكنة لا تخفى احتفاءها بمهرجان المدن القديمة؛ ذي العائدات المادية المعتبرة التي عمت كل البيوت؛ فالسكان الأصليون أجروا منازلهم لتكون متسعا لإقامة مئات الوافدين؛ وتلقوا مقابل ذلك مبالغ تراوحت ما بين 200 و400 ألف أوقية؛ وفي الشارع اتخذت نسوة المدينة من بيع الرصيد مهنة مؤقتة في مدينة لا تغطيها سوى شبكة “موريتل”؛ التي ارتفع سعر شريحتها من 500 إلى 2000 أوقية؛ مع تسجيل ملاحظة أن الرصيد يتم تحويله من نواكشوط ويتقاضى الوسطاء المبالغ في وادان.
العمالة المنزلية الوافدة سجلت حضورا قويا في وادان التي فتحت الباب أمام عشرات الشبان الذين قدم أغلبهم من مدينة شنقيط المجاورة.
الشاب محمد ولد فرجو 17 عاما؛ يدرس في الصف السادس ابتدائي في إحدى مدارس شنقيط؛ قال لصحراء ميديا؛ إنه “فضل الانقطاع عن الدراسة إلى حين”؛ والتوجه إلى وادان وهو اليوم عامل منزلي “يتقاضي مبلغ 15000 أوقية عن خدمة 8 أيام يؤمن فيها مادة الشاي لضيوف من 16 شخصا؛ يتوزعون على 4 غرف”؛ وفق تعبيره.
الحاجيات الأساسية في وادان ارتفع سعرها هذه الأيام؛ وخاصة عبوات المياه التي تضاعف سعرها مسجلا زيادة بلغت 200 % بسبب ارتفاع منسوب الملوحة في مياه وادان؛ والشيء نفسه بالنسبة لباعة المواشي.
النزل والمنتزهات السياحية امتلأت بالكامل؛ وهو ما فتح المجال أمام مجموعة من أصحاب المنازل في المدينة الذين لم يقع عليهم اختيار وزارة الثقافة الموريتانية؛ والذين وجدوا فرصتهم في إيجار منازلهم بمبالغ تقارب 350 ألف أوقية للمنزل الواحد.
ما قبل الافتتاح
ينتظر “الوادانيون” بشغف كبير انطلاقة النسخة الثانية من مهرجان المدن القديمة التي سيعطي الرئيس الموريتاني محمد ولد عبد العزيز إشارتها صباح اليوم.
الفضاء المقترح لاحتضان حفل الافتتاح وبقية فعاليات التظاهرة بات قريبا من الجاهزية؛ والكل هنا يجري تمارينه الأخيرة قبل أن تحين ضربة البداية.. المنصة الرسمية وخشبة العروض؛ وخيام المعارض توزعت في أرجاء دار الكتاب بالمدينة التي سيحتضن فضاؤها وعلى مدار أسبوع كامل نسخة وادان من مهرجان المدن التاريخية في موريتانيا.
160 مشاركا يمثلون المدن الأربعة ولاتة؛ تيشيت؛ شنقيط والمستضيفة وادان؛ فضلا عن 5 أشخاص على الأقل يحضرون عن كل ولاية من باقي ولايات الوطن؛ وبعثات رسمية عن الأحزاب السياسية ومنظمات المجتمع المدني وهيئات السياحة.
60 خيمة تحتضن معرض المنتوجات المحلية الخاصة بكل مدينة على حده؛ وعددا من الخيام ضربت في الساحات العامة في المدينة للعرض حينا وللضيافة أحايين أخرى؛ تغطية إعلامية واسعة يؤمنها عشرات الصحفيين من مؤسسات وطنية ودولية؛ وقرابة 135 سائحا تمت دعوتهم لهذا المهرجان.. وعشرات من شبان المدينة يسابقون الخطى لعنونة المدينة القديمة وإنارتها، علها تساعد في قراءة تضاريس المدينة “المنسية”.. وزيارات بين الفينة الأخرى لسفراء غربيين وخليجين إلى موقع التظاهرة.
هذا الحراك الاستعدادي والنشاط الاقتصادي المحموم؛ وجموع المواطنين والأجانب التي تجوب المدينة طولا وعرضا لم تستطع أن تخفي الهاجس الأمني الذي يخيم على المدينة المطوقة عسكريا؛ فالوحدات المحمولة والراجلة تطالعك أينما حللت؛ يرافقها انتشار امني كثيف ليلا بالقرب من موقع المهرجان