الحملة الرئاسية تنطلق بحمى التصريحات، والمعارضة تراهن عليها لثني واد عن الترشح
انطلقت الحملة الرئاسية بالسنغال منذ 24 ساعة، في ظل أجواء من التوتر المشوب بأجواء احتفالية حذرة بعيد المولد النبوي الشريف، وعلى الرغم من كل ذلك استطاعت أجواء العيد أن تمتص التوتر والاحتقان في الشارع السنغالي ولو بشكل مؤقت.
أربعة عشر مرشحا للرئاسة -من بينهم سيدتين- يسابقون الزمن في 21 يوماً هي مدة الحملة والمجال الزمني الذي يجدونه للسفر عبر المدن والقرى السنغالية من أجل إقناع المواطن السنغالي ببرامجهم الانتخابية، فيما يراهن زعماء المعارضة المنضوين في حركة 23 يونيو على هذه الحملة من أجل التعبئة ضد ترشح عبد الله واد.
وكانت حركة (يانا مار) المعارضة لترشح واد، قد دعت زعماء المعارضة إلى مقاطعة الحملة الانتخابية والانتخابات القادمة، وهي الدعوة التي رفضها سبعة من هؤلاء المرشحين، حيث أعلنوا يوم السبت الماضي وقبيل افتتاح الحملة، أنهم “لا ينوون مقاطعة الحملة الانتخابية والانتخابات الرئاسية”، مضيفين في نفس السياق بأنهم مصممين على منع الرئيس من المشاركة في اقتراع 26 فبراير وسحب ترشحه.
المرشح للرئاسيات مصطفى نياس، رئيس الوزراء السابق وأحد أشهر معارضي الرئيس واد، قال خلال مؤتمر صحفي “إننا لن نقاطع الحملة ولا الاقتراع”، مضيفاً بأنهم لن يقبلوا “اليوم ولا غدا إجراء الاقتراع الرئاسي بمشاركة عبد الله واد كمرشح”.
واعتبر انياس أنهم سيخوضون الحملة من أجل مواصلة “النضال” لثني عبد الله واد عن المشاركة في الانتخابات، كما استبعد تنظيم الاقتراع بمشاركة واد، مبررا ذلك “بعدم دستورية ترشحه”، على حد تعبيره.
واد يدافع عن كريم ويصر على إنهاء مهمته
الرئيس السنغالي المنتهية ولايته عبد الله واد افتتح الحملة الانتخابية بلهجة واثقة تعود الحديث بها، حيث قال “لقد عملت كثيراً، كما قمت بالكثير من الانجازات التي يتوجب علي إنهاؤها”.
وأضاف معلقا على الحديث عن عمره (86 عاماً) “أن يتحدث الغرب عن عمري فلا خطورة في ذلك، ولكن حديث السنغاليين عنه فيه قلة احترام”، مضيفاً “لدي مهمة في السنغال ويتوجب علي إكمالها”، حسب تعبيره.
أما فيما يتعلق بابنه كريم واد، فقال “ابني لديه تكوين خاص من النادر أن نحصل عليه، شهادة من السوربون في الإدارة ومراجعة الحسابات، كما كان في أحد أكبر بنوك لندن”، وأضاف “عندما أطلقت إعلاني للشباب السنغالي بأن يحصلوا على شهاداتهم ويأتون للعمل معي، قرر كريم رفقة أخته (سينديلي) أن يستجيبا للدعوة، ولكنني قلت لهم (لا) الناس لن يفهمون”.
وقال واد مدافعاً عن ابنه كريم الذي يشغل منصب وزير دولة، “لقد أوكلت إليه ملفات فشل فيها جميع الوزراء: مشكلة الكهرباء، والبنية التحتية؛ وأنتم تعلمون أنني متمسك بإنجاز طرق حقيقية وليست طرق تتم صيانتها كل خمس سنوات” مضيفاً “الآن لدي ابن ذكي وقادر على العمل”.
وكان واد قد قال يوم السبت الماضي، إبان تدشينه لطريق في منطقة ريفيسك عند مدخل العاصمة دكار، عندما سئل عن رده على دعوة أطلقها بعض المشايخ وجمعية الأئمة تدعوه إلى سحب ترشحه، إنه “لا يرد على رجال الدين”.
أما فيما يخص تصريحات ألان جوبيه، وزير الخارجية الفرنسي، فرفض واد التعليق عليها معتبرا أن وزير خارجيته سبق وأن شرح الموقف منها، مضيفا بأنه “لا يرد على وزراء الخارجية وألان جوبيه مجرد وزير، وعندما يتكلم نيكولاس ساركوزي فإنني سأرد عليه”، حسب تعبيره.
واد لم يترك الفرصة تمر قبل أن يتهم المعارضة بأنها هي “المسؤول الأول” عن مقتل أربعة أشخاص بدكار وبودور منذ اندلاع الاحتجاجات، مؤكدا أنه قدم التعازي لأهالي الضحايا ودعاهم إلى “أن يتخذوا إجراءات لمنع استغلال السياسيين لأطفالهم في الاحتجاجات”.
ردود الفعل الخارجية..
لعل أكثر التعليقات الغربية قوة هو تعليق باريس على موقف الجيش السنغالي من الاحتجاجات، حيث قالت باريس إنه “إذا حاول واد أن يصل إلى السلطة بالقوة فإن الجيش السنغالي، المشهور بجمهوريته، لن يتبعه في ذلك”، مؤكدة أن الجيش سيكون على مسافة متساوية من جميع الأطراف.
وفي نفس السياق وعدت باريس بأنها ستقوم بدراسة دقيقة للملاحظات التي تقدمت بها بعثة الاتحاد الأوروبي على عملية قبول الترشحات، متأسفة في نفس الوقت على أن التشكيلات السياسية لم يتم تمثيلها كاملة في الاقتراع الرئاسي.
يأتي كل هذا في وقت يتحدث فيه الإعلام المحلي السنغالي عن لقاءات متكررة وأحاديث هاتفية ما بين الرئيس عبد الله واد والسفير الفرنسي نيكولاس أرنود، حيث قالت صحيفة محلية إن الرجلين التقيا مرتين قبل وبعد المظاهرات التي نظمتها حركة 23 يونيو.
كما أفادت نفس الصحيفة بأن السفير الفرنسي على اتصال بزعماء حركة 23 يونيو المعارضة لترشح واد، في إشارة إلى وساطة فرنسية من أجل تهدئة الأوضاع، حيث كانت فرنسا قد عبرت عن حرصها على أن تنظم الانتخابات في جو من الهدوء والشفافية.
سفارة الولايات المتحدة الأمريكية بالعاصمة دكار بدورها أصدرت بياناً دعت فيه إلى “اتخاذ الإجراءات الضرورية لضمان تنظيم انتخابات حرة وعادلة وشفافة يوم 26 فبراير الجاري”، مطالبة في نفس السياق “المواطنين بضبط النفس والامتناع عن العنف”.
ودعت السفارة في بيانها الحكومة السنغالية إلى “صون تقاليد البلاد العريقة في مجال الديمقراطية”، مؤكدة أن “الولايات المتحدة تعتزم العمل مع شركائها الدوليين بالسنغال لمراقبة سير الانتخابات والمساعدة على ضمان شفافيتها”.