لا مراء أن البشرية باتت اليوم تستغل مركبا متحركا صوب الخطر بسبب “الفقر المائي”؛ حيث دقت الأمم المتحدة وهيئاتها المختصة ناقوس الخطر بشأن الأزمة المحدقة؛ والتي حولت الماء من حق أساسي من حقوق الإنسان إلى سلعة تنطبق عليها قوانين السوق والعرض والطلب!..
ورغم تأكيد الأمم المتحدة على أحقية الإنسان في المياه الآمنة؛ إلا أن هذه التأكيدات ما لبثت أن طالتها الكثير من التهديدات؛ حيث تغير هذا المفهوم بسبب الزيادة السكانية الهائلة وزيادة الطلب على الموارد المائية؛ التي توقع الخبراء تراجعها بنسبة 20 % في أفق عام 2030 وكذا تنبؤات المجلس العربي لحقوق الإنسان بشأن حالة “الفقر المائي” التي تعتبر موريتانيا مثالا لها بسبب محدودية مواردها المائية.
الماء كمصدر للحياة:
وتحتل المياه الآمنة وخدمات الصرف الصحفي مكانة متقدمة في مجال الحفاظ على الصحة وكرامة الإنسان؛ كما أكدت على ذلك قوانين الأممية؛ وكذا العهد الدولي الخاص بالحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية؛ حيث لاحظت اللجنة المختصة أن “حق الإنسان في الماء لا غنى عنه من أجل حياة تليق به “.
وبغض النظر عن القوانين ذات الصلة بضرورة تسهيل النفوذ للمياه الصالحة للشرب؛ فلم تكن المياه في يوم من الأيام سلعة للبيع كأي من السلع الطبيعة الأخرى كالمعادن والنفط والأحجار الكريمة.
وعلى مر العصور تأسست علاقة الإنسان بالمياه باعتبارها موردا طبيعيا متاحا للبشرية؛ مثلها مثل الهواء أي أنها تمنح الحياة وتخلق ظروف ازدهار البشرية.
وينظر إلى المياه في مختلف أنحاء العالم على أساس أنها حق من حقوق الإنسان ومصدر طبيعي قابل للتجديد؛ إلا أن هذا المفهوم أخذ يتراجع في ظل تنامي السكان وازدياد الطلب على المياه للأغراض المختلفة!..
موريتانيا ضمن دائرة الخطر المائي:
تقول دراسة أجراها المركز العربي لدراسات المناطق الجافة والأراضي القاحلة” أن 13 بلدا عربيا تقع ضمن الخطر المائي؛ حيث يقل متوسط نصيب الفرد سنويا عن 1000 / 2000 مم3.
يأتي ذلك في وقت لا يستخدم الوطن العربي أكثر من 5% من احتياطه المائي ويحلي 10.9 مم3 منها 4.5 مم3 محلاة؛ و6.4 مم3 مياه صرف صحي وزراعي وصناعي؛ هذا عوضا عن وجود60% من مياه الدول العربية تحت سيطرة دول غير عربية من بينها إسرائيل!..
ومن أهم التحديات التي تواجهها الدول العربية وتؤثر في منظومتها الأمنية؛ مسألة التهديد المائي؛ حيث يتميز الوطن العربي بندرة موارده المائية فالجزء الأكبر منه يقع في المناطق الجافة؛ التي تتميز بأن معدلات هطول الأمطار فيها غير منتظمة وغير متوقعة.
ويقدر حجم إجمالي الموارد المائية في الدول العربية بحوالي 238 مليارم3/سنويا؛ ما يمثل حوالي 0.8% من إجمالي الموارد المائية المتجددة عبر العالم؛ وتأتي الزراعة على رأس قائمة القطاعات المستهلكة للمياه في الوطن العربي وتقدر نسبتها بحوالي 88.8% من إجمالي استخدامات المياه؛ وتزيد هذه النسبة عن 90% في كل من سوريا والعراق وعمان واليمن والسودان والصومال والمغرب وموريتانيا.
وتعتبر موريتانيا من أفقر دول العالم مائيا؛ حيث يتعذر النفاذ الشامل إلى المياه منذ استقلال البلاد؛ بوصفها جزء لا يتجزء من منطقة الساحل القاحلة والحارة؛ حيث أشارت الدراسات المنجزة في هذا الصدد أن موريتانيا هي الأكثر هشاشة في مجال المياه وأن مصادر مياهها الأقل استقرارا في العالم.
وأرجع تقرير الأمم المتحدة تصدر موريتانيا لقائمة البلدان المرشحة لنقص حاد في المياه إلى وجود “نهر واحد تجري فيه المياه على مدار العام” هو نهر السنغال؛ مع عدد قليل من الوديان والواحات الغنية بالمياه؛ وفيما سوى ذلك “تعاني البلاد جفافا كليا تقريبا”.
ويأتي مشروع “آفطوط الساحلي لتزويد نواكشوط بالماء الشروب محاولة من الدولة للحد من الاعتماد على بحيرة “إديني” 50 كلم شرق العاصمة؛ والتي أصبحت مهددة بالنضوب بسبب الطلب المتزايد على الماء الشروب واتساع رقعة تأثير مياه المحيط المالحة.
البحث عن مياه آمنة في أفق الألفية:
بغض النظر عن إلزامية قرارات الأمم المتحدة بشأن التأكيد على الحق في مياه الشرب والتمديدات الصحية؛ وفق ما أكدت عليه الجهات المختصة يوليو/تموز 2010؛ إلا أن هذا القرار الذي حظي بمصادقة حوالي 178 دولة من كافة أنحاء العالم؛ لا يزال مثار جدل وخلاف واسع بين الدول المصادقة عليه والدول المعارضة له؛ وسط حالة من التبريرات المتبادلة لتلك الدول كل على حدة.
ويرى دارسون أن سبب تلكأ العديد من البلدان بشأن قرار مجلس الأمن لحقوق الإنسان؛ فيما يتعلق بمسألة التصويت على القانون؛ ومعظمها من الدول المتقدمة الغنية؛ نابع من تخوف تلك الدول من مطالبتها من قبل المجتمع الدولي بدفع فاتورة تكاليف هذا القرار للدول النامية؛ بينما بالنسبة لحكومات الدول النامية التي امتنعت عن التصويت فهي متخوفة من أن القرار سيتم استخدامه من قبل شعوبها كأداة ضدها في حال عدم تمكنها من تحقيق ما ينص عليه القرار لمواطنيها.
ويوجد بالإضافة لذلك رأي ثالث لدول ترى أن هذا القرار سيحرمها من الحق في بيع المياه سواء لمواطنيها أو لدول مجاورة؛ كحكومة كندا..
شبح تحول المياه إلى سلعة!..
رغم أن المياه تغطي نسبة 70% من الكرة الأرضية؛ إلا أن نسبة المياه العذبة لا تتجاوز2.5% وتصل نسبة المياه المالحة 97.5% وتشكل الأغطية والأنهار الجليدية قرابة 70% من إجمالي حجم المياه العذبة؛ حيث تؤدي العديد من العوامل إلى ندرة المياه كضغط الزيادة السكانية وارتفاع درجة حرارة الكرة الأرضية والتلوث وغيرها من العوامل المستجدة؛ التي تجعل من الماء سلعة مربحة تتهافت على استغلالها العديد من القطاعات الخاصة.
وإلى جانب الجدل المحتدم بين العديد من الباحثين حول مسألة خصخصة خدمات الإمداد بالمياه أو تركها في يد القطاعات العامة للدول؛ فإن قطاعا آخر من مناصري الحق في الماء يرون أن الالتزام القانوني النابع عن قرارات الحق في المياه من شأنه أن يحفز كل من حكومات البلدان النامية والمانحة لإجراء تغييرات فعالة في السياسات المحلية وسياسات العون وتخصيص الموارد ومنح مجموعات المواطنين أرضية أكثر صلابة لتستند عليها في ممارسة الضغط على الحكومات.
ورغم تأكيد الأمم المتحدة على أحقية الإنسان في المياه الآمنة؛ إلا أن هذه التأكيدات ما لبثت أن طالتها الكثير من التهديدات؛ حيث تغير هذا المفهوم بسبب الزيادة السكانية الهائلة وزيادة الطلب على الموارد المائية؛ التي توقع الخبراء تراجعها بنسبة 20 % في أفق عام 2030 وكذا تنبؤات المجلس العربي لحقوق الإنسان بشأن حالة “الفقر المائي” التي تعتبر موريتانيا مثالا لها بسبب محدودية مواردها المائية.
الماء كمصدر للحياة:
وتحتل المياه الآمنة وخدمات الصرف الصحفي مكانة متقدمة في مجال الحفاظ على الصحة وكرامة الإنسان؛ كما أكدت على ذلك قوانين الأممية؛ وكذا العهد الدولي الخاص بالحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية؛ حيث لاحظت اللجنة المختصة أن “حق الإنسان في الماء لا غنى عنه من أجل حياة تليق به “.
وبغض النظر عن القوانين ذات الصلة بضرورة تسهيل النفوذ للمياه الصالحة للشرب؛ فلم تكن المياه في يوم من الأيام سلعة للبيع كأي من السلع الطبيعة الأخرى كالمعادن والنفط والأحجار الكريمة.
وعلى مر العصور تأسست علاقة الإنسان بالمياه باعتبارها موردا طبيعيا متاحا للبشرية؛ مثلها مثل الهواء أي أنها تمنح الحياة وتخلق ظروف ازدهار البشرية.
وينظر إلى المياه في مختلف أنحاء العالم على أساس أنها حق من حقوق الإنسان ومصدر طبيعي قابل للتجديد؛ إلا أن هذا المفهوم أخذ يتراجع في ظل تنامي السكان وازدياد الطلب على المياه للأغراض المختلفة!..
موريتانيا ضمن دائرة الخطر المائي:
تقول دراسة أجراها المركز العربي لدراسات المناطق الجافة والأراضي القاحلة” أن 13 بلدا عربيا تقع ضمن الخطر المائي؛ حيث يقل متوسط نصيب الفرد سنويا عن 1000 / 2000 مم3.
يأتي ذلك في وقت لا يستخدم الوطن العربي أكثر من 5% من احتياطه المائي ويحلي 10.9 مم3 منها 4.5 مم3 محلاة؛ و6.4 مم3 مياه صرف صحي وزراعي وصناعي؛ هذا عوضا عن وجود60% من مياه الدول العربية تحت سيطرة دول غير عربية من بينها إسرائيل!..
ومن أهم التحديات التي تواجهها الدول العربية وتؤثر في منظومتها الأمنية؛ مسألة التهديد المائي؛ حيث يتميز الوطن العربي بندرة موارده المائية فالجزء الأكبر منه يقع في المناطق الجافة؛ التي تتميز بأن معدلات هطول الأمطار فيها غير منتظمة وغير متوقعة.
ويقدر حجم إجمالي الموارد المائية في الدول العربية بحوالي 238 مليارم3/سنويا؛ ما يمثل حوالي 0.8% من إجمالي الموارد المائية المتجددة عبر العالم؛ وتأتي الزراعة على رأس قائمة القطاعات المستهلكة للمياه في الوطن العربي وتقدر نسبتها بحوالي 88.8% من إجمالي استخدامات المياه؛ وتزيد هذه النسبة عن 90% في كل من سوريا والعراق وعمان واليمن والسودان والصومال والمغرب وموريتانيا.
وتعتبر موريتانيا من أفقر دول العالم مائيا؛ حيث يتعذر النفاذ الشامل إلى المياه منذ استقلال البلاد؛ بوصفها جزء لا يتجزء من منطقة الساحل القاحلة والحارة؛ حيث أشارت الدراسات المنجزة في هذا الصدد أن موريتانيا هي الأكثر هشاشة في مجال المياه وأن مصادر مياهها الأقل استقرارا في العالم.
وأرجع تقرير الأمم المتحدة تصدر موريتانيا لقائمة البلدان المرشحة لنقص حاد في المياه إلى وجود “نهر واحد تجري فيه المياه على مدار العام” هو نهر السنغال؛ مع عدد قليل من الوديان والواحات الغنية بالمياه؛ وفيما سوى ذلك “تعاني البلاد جفافا كليا تقريبا”.
ويأتي مشروع “آفطوط الساحلي لتزويد نواكشوط بالماء الشروب محاولة من الدولة للحد من الاعتماد على بحيرة “إديني” 50 كلم شرق العاصمة؛ والتي أصبحت مهددة بالنضوب بسبب الطلب المتزايد على الماء الشروب واتساع رقعة تأثير مياه المحيط المالحة.
البحث عن مياه آمنة في أفق الألفية:
بغض النظر عن إلزامية قرارات الأمم المتحدة بشأن التأكيد على الحق في مياه الشرب والتمديدات الصحية؛ وفق ما أكدت عليه الجهات المختصة يوليو/تموز 2010؛ إلا أن هذا القرار الذي حظي بمصادقة حوالي 178 دولة من كافة أنحاء العالم؛ لا يزال مثار جدل وخلاف واسع بين الدول المصادقة عليه والدول المعارضة له؛ وسط حالة من التبريرات المتبادلة لتلك الدول كل على حدة.
ويرى دارسون أن سبب تلكأ العديد من البلدان بشأن قرار مجلس الأمن لحقوق الإنسان؛ فيما يتعلق بمسألة التصويت على القانون؛ ومعظمها من الدول المتقدمة الغنية؛ نابع من تخوف تلك الدول من مطالبتها من قبل المجتمع الدولي بدفع فاتورة تكاليف هذا القرار للدول النامية؛ بينما بالنسبة لحكومات الدول النامية التي امتنعت عن التصويت فهي متخوفة من أن القرار سيتم استخدامه من قبل شعوبها كأداة ضدها في حال عدم تمكنها من تحقيق ما ينص عليه القرار لمواطنيها.
ويوجد بالإضافة لذلك رأي ثالث لدول ترى أن هذا القرار سيحرمها من الحق في بيع المياه سواء لمواطنيها أو لدول مجاورة؛ كحكومة كندا..
شبح تحول المياه إلى سلعة!..
رغم أن المياه تغطي نسبة 70% من الكرة الأرضية؛ إلا أن نسبة المياه العذبة لا تتجاوز2.5% وتصل نسبة المياه المالحة 97.5% وتشكل الأغطية والأنهار الجليدية قرابة 70% من إجمالي حجم المياه العذبة؛ حيث تؤدي العديد من العوامل إلى ندرة المياه كضغط الزيادة السكانية وارتفاع درجة حرارة الكرة الأرضية والتلوث وغيرها من العوامل المستجدة؛ التي تجعل من الماء سلعة مربحة تتهافت على استغلالها العديد من القطاعات الخاصة.
وإلى جانب الجدل المحتدم بين العديد من الباحثين حول مسألة خصخصة خدمات الإمداد بالمياه أو تركها في يد القطاعات العامة للدول؛ فإن قطاعا آخر من مناصري الحق في الماء يرون أن الالتزام القانوني النابع عن قرارات الحق في المياه من شأنه أن يحفز كل من حكومات البلدان النامية والمانحة لإجراء تغييرات فعالة في السياسات المحلية وسياسات العون وتخصيص الموارد ومنح مجموعات المواطنين أرضية أكثر صلابة لتستند عليها في ممارسة الضغط على الحكومات.