في وجه الحقائق العتيدة لهذه القضية التي اسالت الكثير من اللعاب والمداد , يحاول محمد حبيب الله المزعوم استبدال الوقائع بقصة من نسيج خياله , بغرض مغالطة القارئ غير المطلع , لأن المهنيين العاملين في القطاع يعرفون تمام المعرفة من اين قطعت الكتف بالفأس وابتلعت ابتلاعا.
فأسلوب الجزم المستعمل ومعرفة ادق تفاصيل ملفات خفر السواحل لا يترك اي مجال للشك في ان محمد حبيب الله المزعوم , اسما مستعارا يستتر وراءه المستشار المتنفذ الذي يتولى بين ألف وظيفة أخري , الإشراف على هذا السلك, وهو “الصديق الحميم” لميلود الذي لا يريد له إلا كل الخير , عندما ينتزع منه شركائه و يعرقل اعماله.
فلنتجاوز هذه المسألة ولندرس جوهر الحجج والمبررات الواهية التي يسردها هذا التحريف الفاضح للحقيقة , بدافع سوء نية واضح للعيان.
المغالطة الأولى : ” لم تنتزع البواخر الروسية من ميلود بل هو الذي اقصى نفسه بنفسه من تمثيلها”
هذه حيلة معروفة مشهورة لدي ضباط الشرطة القضائية. في تحد سافر للمنطق يظل المجرم يتخندق وراء النكران ويصرخ ببراءته من الجريمة ويدعي ان الضحية لم تتعرض للجريمة بل انتحرت طواعية إلي ان تناله الحقيقة وتتبين الأدلة القاطعة والبراهين الساطعة.
بصدد ميلود يكتب صاحب المقال دون تهكم أو مزاح أن مالك السفن اعفاه من مهمة تمثيله بسبب عجزه عن حل مشاكل باخرتيه ويضيف هذا علما بان الإجراءات بسيطة ومعروفة : “مناقشة المخالفات والاعتراف بها, ثم التفاوض حول مبلغ الغرامات أو توجيه رسالة تضامن مع مالك السفن, يكفي لإخلاء سبيل الباخرتين”
فمن يصدق ان وكيل بحري متمرن يتمتع بثلاثين سنة من الخبرة والتجربة مثل ميلود يجهل أبجديات مهنة التمثيل البحري, علي هذا الشكل ؟ هذا مجرد هراء وترهات وسفسطة.
فهذه الترتيبات اجهل الجاهلين بمهنة التمثيل, علي دراية بها ويلجأ إليها كل ما دعت الضرورة إلي ذلك, لأنها لا تكلفه أدنى فلس – حيث أن عندنا كما عند غيرنا, يعتبر مالك السفينة مسؤولا عن المخالفات التي يرتكبها ربان سفينته, ولا يتصرف الوكيل الذي هو ممثله, إلا بالنيابة عنه وحسب إرادته – إذا أراد صاحب السفينة التفاوض يتفاوض الممثل باسمه ونيابة عنه, وإذا فضل الالتزام التزم الوكيل كذالك باسمه ونيابة عنه. فمن المراد تضليله بهذه الأكاذيب والأباطيل ؟
الواقع أن شركةSMAP , بموجب رسالة بتاريخ : 15/12/2014 موجهة إلي خفر السواحل ومالك السفينتين نفسه في رسالة بتاريخ : 22/12/2014, ثم رئيس الاتحادية الوطنية للصيد العميد محمد الامين ولد حمود الذي ظل يتردد يوميا علي وزير الصيد, كلهم طالبوا بل توسلوا وترجوا وألحوا بتطبيق المساطر المعمول بها عادة في مثل هذه الحالات, حتى يتسنى إخلاء سبيل الباخرتين والسماح لهما بالعودة إلي مزاولة نشاطهما تفاديا لمزيد من التوقيف والتعطيل. بدون أية فائدة – إذ لم يقبل القائمون علي خفر السواحل الاستماع إلي اي شيء : لا تفاوض ولا التزام ولا إخلاء سبيل الباخرتين. و الكل يعرف ان اصم الناس من يرفع السماع.
مع ميلود لا مجال لتطبيق اية مسطرة ولا التوصل لأي اتفاق لان النية مبيتة والهدف محدد سلفا : تركيع مالك السفينتين تحت الضغط حتى يفسخ عقده مع ميلود.
بعد ذالك, وبعد ذالك فقط يبدأ التفاوض من اجل إخلاء سبيل السفينتين, حتى أن المستشار المتنفذ يعترف سرا بتصرفه غير الشرعي بل يتباهى به ويتبجح بوقاحة. لماذا يتنكر في العلن ويتبستر بهذه الحجة الحمقاء : ميلود هو الذي أقصي نفسه من تمثيل البواخر الروسية ؟
المغالطة الثانية : يقسم محمد لحبيب الله المزعوم ان التسهيل الوحيد الذي قدم في هذه القضية كان لفائدة الوكيل القديم, حيث قلصت غرامة كينغ دوري من ” 360 مليون إلي 300 مليون أوقيه ” دون أن يفيدنا بمستوى تقليص غرامة الباخرة الثانية.
بإمكان القارئ الكريم تقدير عدم النزاهة الفكرية, التظاهر بالتودد للمثل القديم والعمل في ذات الوقت علي إقصائه عنوة دون ادنى حسن معاشرة,
ثم ما دامت لا توجد نوايا خفية ولا تعاملات باطنية , ولا استغلال للنفوذ ولا سوء لاستخدام السلطة في هذه العملية كلها ولا ابتزاز ولا وعود بحسن المعاملة مستقبلا من طرف القائمين علي خفر السواحل, ماذا يربح بالله عليكم , صاحب السفن من تغيير وكيله المحلي ؟ لسواد أعين الممثل الجديد الجميل أو للاستفادة من بركاته ؟ فكل انواذيبو يعرف من جهة آخري ان شخصا ما مقربا جدا من المستشار المتنفذ تم تفويضه من طرف مالك السفينتين رغم انعدام اي سابق معرفة بينهما, من اجل تمثيله امام لجنة الغرامات. فمن قبعة اي ساحر خرج هذا الممثل المفوض ؟ وماذا سيضيف في معالجة القضية أو تخفيض الغرامات ؟ هل تحسبوننا أطفالا سذجا ؟
المغالطة الثالثة: منعت الإدارة الوكيل الجديد من ممارسة وظيفته لمدة 9 أيام كاملة, ظل ميلود يستخدم كل الوسائل لتمديد توقيف الباخرتين و عرقلة وإثقال كاهل مالكهما الذي يصفه “بصديقه”. لاحظوا تغيير المشاعر.
ما دام ميلود يمثل هذه البواخر لم يعر لها أي اهتمام أن تبقي راسية في الميناء ان تنقصها المحروقات او تحتاج إلي الماء أو تتعفن حمولتها, لا يهم بل كان ذالك مدعاة للسرور. اما وقد تحول تمثيلها إلي وكيل آخر, فبين عشية وضحاها اصبح خفر السواحل يتباكى علي محنتها ويتأسف علي كون وكيلها الجديد لم يبدأ مزاولة مهنته علي الفور باحتفال مهيب وتحت نغمات المزامير والموسيقى العسكرية.
الحقيقة التي يريد محمد حبيب الله المزعوم إخفائها : ان اعراف المهنة تقتضي أن تتأكد الوزارة قبل اعتماد استبدال الوكيل, من تصفية الحسابات التجارية بين مالك السفينة الأجنبي وممثله المحلي القديم, وتسديد مستحقاته . فهذه الترتيبات التي يمليها المنطق والقانون, هي التي حاول الوزير إتباعها بضع أيام قبل أن يتخلى عنها للأسف الشديد فيما بعد, ربما بفعل الضغوط التي مارسها الوكيل الجديد وحليفه اللذين اعتصما في مكتبه لهذا الغرض, علاوة علي إلحاح المستشار المتنفذ للإسراع بتنصيب الوكيل المدعوم من طرفه.
حتى أن الممثل الجديد لم يكن بحاجة إلي اعتماد الوزير حيث بادر خفر السواحل الذي يتصرف كما لو كان وزارة داخل الوزارة تتمتع بمسطرة إجراءاتها ومرجعياتها وسلمها الإداري الموازي, إلى اعتماده والتودد إليه وحذف SMAP من لوائح خفر السواحل بجرة قلم.
المغالطة الرابعة: محمد حبيب الله المزعوم الذي له فيما يبدو الكثير من القواسم المشتركة مع الوكيل الجديد, حيث يحيطه بعناية فائقة يؤكد لنا إن هذا الأخير تفضل مشكورا في سخاء نادر بقبول تحويل جميع البحارة اللذين كانوا يعملون علي ظهر السفن المعنية, و غني عن البيان إن الممارسات التي تعود عليها حبيب الله المزعوم تخرج عن صلب القانون. إلا أن شركة SMAP وكذالك البحارة المعنيين لم يكتفوا, لحسن الحظ بالاعتماد علي حسن نية وكرم الوكيل الجديد, بل أصروا, تحديدا رغم انف الوكيل الجديد, علي صيانة حقوقهم كاملة غير منقوصة, فالقانون ينص بصريح العبارة علي أن “تبقي عقود عمل الباخرة سارية المفعول حتى في حالة تغيير الوكيل البحري وحتى في حالة بيع البواخر” علما بأن المستحقات والمطالبات والحقوق تتبع الباخرة, بأي أيد أصبحت.
المغالطة الخامسة لم يتم إقصاء ميلود من القطاع إذ بقي يمثل بواخر صيد اسماك ألطونا اليابانية وينتظر بفارغ الصبر توقيع اتفاقية الإتحاد الأوروبي ليسترجع تمثيل البواخر الهولندية”
يتضح جليا ان محمد حبيب الله المزعوم حزين لكون ميلود لم يقصى تماما من القطاع وأنه لا يزال يحرك رجله أو يمشي علي قدميه. هذه قمة المشاعر الإنسانية والمواساة والمؤازرة ! ولكن مهلا أين هي بواخر صيد اسماك الطونا اليابانية التي مازال ميلود يمثلها – لا اثر لها في المياه الموريتانية ولا علي لوائح خفر السواحل لا خلال السنة الجارية و لا التي سبقتها, لا يهم أنها تصطاد وتفرغ حمولتها في ذهن المستشار و أسمه المستعار.
ثم اين هي البواخر الهولندية التي يحتسبها محمد حبيب الله المزعوم كرصيد ونشاط مهني لميلود, إنها توجد منذ اكثر من سنة في بحر الشمال او في المحيط الهادئ او في بقاع أخري من العالم. وتتوقف عودتها المؤملة إلي المياه الموريتانية اولا علي توقيع اتفاقية مع الإتحاد الأوربي لازالت رهن التفاوض ثم علي رغبة وإرادة ملاكها في حالة توقيع الاتفاقية ,
خلاصة القول أن ميلود سواء كان يمثل بواخر اجنبية ام لا سيظل يواجه حقد وطعنات عدوه المعلن علانية أو من وراء اسماء مستعارة,
أما حان للمستشار المتنفذ كامل السلطة ومطلق الصلاحيات أن يترك ميلود بسلام؟