إنه مشروع استصلاح (3500) هكتار من الأراضي الزراعية في الحوض الشرقي من سهل اركيز واستصلاح (2200) هكتار وإعادة تأهيل (1000) هكتار من الحوض الغربي للسهل.
وتشتهر هذه المنطقة بخصوبتها حيث ظلت لعقود طويلة تمثل سلة الغذاء لسكان المنطقة وسكان العديد من مناطق البلد الأخرى، كما توفر مصدرا لتغذية مواشيهم، قبل أن يتوقف استغلالها نهائيا منذ حوالي عقدين ونصف بسبب تضافر أثر موجات الجفاف واستصلاحات غير موفقة جاءت بنتيجة عكسية.
وبحكم إطلاعي على أهمية هذا المشروع وحيويته والمجهودات المضنية التي بذلها أهل المنطقة للحصول على تمويله وطول المدة التي مضت منذ أن توقف استغلاله مما تسبب في يأس بعض السكان وهجرتهم، لا يسعني إلا أن أزف تهاني الخالصة لكل سكان المنطقة الذين أدرك جيدا مدى الفرحة والسرور اللذين يغمرانهم اليوم وهم يشاهدون حلمهم يتحقق على يد حكومة خادم الحرمين الشريفين عن طريق الصندوق السعودي للتنمية.
ولا يفوتني أن أشكر باسم سكان المنطقة السيد رئيس الجمهورية السيد محمد ولد عبد العزيز على وفائه بتعهده لسكان المنطقة بتوفير التمويل لهذا المشروع، وكذلك السيد وزير الشؤون الاقتصادية والتنمية على سعيه الدؤوب خلال السنوات الماضية لدى شركائنا في التنمية لتوفير التمويل اللازم لهذا المشروع ولغيره من المشاريع ذات الأولوية لتنمية البلد.
كما أغتنم هذه الفرصة السعيدة لأعبر لخادم الحرمين الشريفين عن تقدير سكان اركيز لهذه اللفتة الكريمة بعد أن دب اليأس إلى النفوس، وأن أشكر قيادة الصندوق وطاقمه الفني والإداري على توفير هذا التمويل في فترة لا تتجاوز 6 أشهر، وهي فترة قياسية بكل المعايير حيث تستغرق عادة إجراءات توفير تمويل من هذا النوع عدة سنوات.
كما اغتنم هذه السانحة لتذكير القراء الكرام – من باب العرفان بالجميل الذي هو من خصال الكرام – أن هذا المشروع ليس هو أول مشروع تموله المملكة العربية السعودية في موريتانيا، فقد تجاوزت تدخلاتها المباشرة في موريتانيا مليار دولار منذ تأسيس الدولة الموريتانية. من بين هذا المبلغ العديد من المنح ومن بينها أيضا قروض لتمويل 16 مشرعا من الصندوق السعودي بقيمة 447 مليون دولار.
فربما لا تتذكر الأجيال الحالية إلا التمويلات التي قدمتها المملكة مؤخرا لموريتانيا مثل القرض الحالي والإسهام في توفير الطاقة والمياه لنواكشوط ومدن الداخل ومنحة 50 مليون دولار لعصرنة القوات المسلحة ومنحة 20 مليون للطينطان وتمويل بناء قصر العدالة في نواكشوط وترميم قصر العدالة في روصو وبناء حي سوكجيم السكنى بمدينة نواكشوط والإسهام في تمويل مشروع استصلاح كوركول الأسود والإسهام في تمويل مشروع “القلب” لفائدة اسنيم ومنحة لتمويل بعض منشآت جامعة نواكشوط، وبناء مدرسة الشرطة بنواكشوط ومنحة لوزارة الزراعة لاستصلاح أراضي لتشغيل الشباب وغير ذلك.
وأهم من كل ما تقدم إسهام المملكة مشكورة في تمويل طريق الأمل الذي رفض شركاء موريتانيا في التنمية بالدول الغربية تمويله فقال الإخوة العرب وعلى رأسهم المملكة العربية السعودية ودولة الكويت الشقيقة “نحن له” واتبعوا القول بالفعل فنفذوا ما التزموا به.
وحاليا يسافر آلاف الموريتانيين يوميا بين نواكشوط والنعمة والمناطق والولايات الموجودة بين المدينتين، وربما يجهل أغلب هؤلاء من أين جاء تمويل هذا الطريق الذي سهل حياتهم بشكل لم يكن آباؤنا يحلمون به؛ وعلى ذكر هذا الطريق أتذكر أنني تحدثت مرة لمعالي المهندس يوسف البسام عن حيوية هذا الطريق الذي لولاه ربما لم تكن موريتانيا موجودة، ظانا أننى سأفيده بما لا يعلم، فتبسم و رد علي بأدب “نعم كم كنت سعيدا حين كنت في بداية حياتي المهنية أعمل مهندسا ضمن الفريق الذي كان مكلفا بمتابعة تنفيذ هذا المشروع”؛ فخبرة معالي المهندس البسام في موريتانيا طويلة وعميقة، فحين تستمع إليه يتحدث عن بلدنا يخيل إليك أن الرجل عمل وزيرا للاقتصاد بموريتانيا لعشرات السنين.
بالإضافة إلى الدعم الذي تقدمه حكومة خادم الحرمين لبلدنا وغيره من البلدان مباشرة عن طريق الصندوق السعودي للتنمية، فإنها تعتبر أكبر مساهم وعضو مؤثر في البنك الإسلامي للتنمية وصندوق الأوبيك للتنمية الدولية الذين يقدمان دعما مقدرا لبلدنا، كما تساهم مساهمة جوهرية في الصندوق العربي للتنمية الاقتصادية والاجتماعية وصندوق النقد العربي والبنك الإفريقي للتنمية (رغم أنها ليست بلدا أفريقيا ويمثلها المهندس البسام فيه) بالإضافة إلى دورها الهام في البنك الدولي وصندوق النقد الدولي حيث تمثل في كلتا المؤسستين بعضو مجلس إدارة دائم وتدعم من هذين المنبرين، بقوة، تقديم العون للدول المتلقية للعون.
وتقوم المملكة بنفس الدور في إطار مجموعة العشرين G20 التي هي عضو نشط فيها، وفي ختام هذا التعليق لا يفوتني أن أنبه رجال أعمالنا إلى فرص التمويل المغرية التي يتيحها برنامج تمويل الصادرات السعودية الذي يديره الصندوق وتتجاوز أصوله 12 مليار وهي فرص تمويل متاحة لكل الراغبين في الاستفادة منها؛ فيمكن للبنوك الموريتانية والمستوردين للمنتجات السعودية على حد السواء الاستفادة من هذه الفرص الثمينة.
محمد الحافظ بدى
مهتم بشؤون التنمية