محمد محفوظ المختار- صحفي
سيدي الرئيس قبل أن ينفض الاجتماع الأسبوعي لمجلس الوزراء لا يفوتني إلا أن أحاول أن أتقدم إليكم ببيان يعكس حجم معانات بعض المواطنين داخل البلاد والتي تشهد أوضاعهم تدهورا خطيرا، فلقد شهد الأسبوع الماضي استغاثات مواطنين واستنجادات مسؤولين محليين في أماكن متفرقة من البلاد، جعلت من الضروري لفت الأنظار إلى قضاياهم ومشاكلهم عسى أن تجدا من متسعا من نقاش مجلس الوزراء الذي لا جدال في تحمله لـ”المسؤولية” تتجلى في إيجادـ”حلول فورية” لهذه المشاكل.
لذا سأحاول أن أبدا بتصريحات المسؤولين تباعا لأنقل ما جاء فيها معتمدا تسلسلها الزمني مبتدأ بما صرح به عمدة بلدية انصفني يوم الأربعاء الموافق 21 مارس والذي أبدى تخوفات جدية من نفوق المواشي بفعل الجفاف المتفاقم وتجاهل الحكومة المستمر لتلك الكارثة الوشيكة، في نفس اليوم حذر عمدة بلدية كرو من أزمة وشيكة في المقاطعة بسبب انقطاع الكهرباء المتكرر عن المدينة، وفي اليوم ذاته أيضا أفادت مصادر مطلعة في مدينة الطينطان أن بلدية الدفعة تعاني من أزمة عطش حادة قد تقود إلى كارثة محققة ما لم يتم تدارك الوضع من طرف الجهات المعنية, في اليوم الموالي أي في يوم الخميس 22 مارس طالب سكان مدينة جكني بتوفير المياه الشروب لساكنة المدينة والسعي إلى فك العزبة عنها من خلال ما تيسر من وسائل، لتتجدد تلك المطالب في المظاهرة التي حدثت الإثنين 26 مارس أمام وزارة الداخلية واللامركزية حيث رفع المتظاهرون شعارات تطالب بتوفير المياه الشروب وبسرعة قصوى.
في اليوم نفسه(أي يوم الخميس 22 مارس) كان سكان مقطع لحجار حظ وافر في مطالبة رئيس الجمهورية بالوفاء بتعهده بتوفير المياه الشروب وقد تجددت تلك المطالب ممثلة في تظاهرة مئات المحتجين صباح الأبعاء (28 مارس) مستغثين بالجهات المعنية من أجل تدارك وضعية وصفوها بالصعبة ومؤكدين أن المدينة تعيش على شفى كارثة حقيقة ما لم تتداركها رحمة من الله. بعد ذلك بيومين فقط ( يوم 25 مارس) أطلق سكان مقاطعة كامور صيحات الاستهجان على ما وفرته الدولة من أعلاف للمنمين وذلك في إطار برنامج الأمل 2012, ونفس اليوم وفي مدينة روصوا كان عمال مكتب الصرف الصحي يستقبلون رئيس الجمهورية بمظالمهم مطالبين إياه بتسوية أوضاعهم الوظيفية، في مدينة رصوا أيضا وبحضور رئيس الجمهورية اعتقل الطالب ولد مولود لمجرد أنه رفع لا فتات تندد بعسكرة المعهد العالي للدراسات والبحوث الإسلامية وطالب بإعادة افتتاحه أمام الراغبين في الولوج إليه, وفي يوم اليوم الموالي أي يوم 26 مارس أعتقل أحد المواطنين البسطاء لمجرد أنه انتقد أداء رئيس الجمهورية في تجمع حزبي بمدينة ازويرات، وفي اليوم ذاته أطلق سكان تجمع ترمسة بولاية الحوض الغربي نداءا من أجل مواجهة العطش الذي يكاد يعصف بالتجمع الذي لا زال في طور التشكل. وفي اليوم ذاته قام مجموعة من الماليين بمصادرة سيارات تخص المنمين الموريتانيين وذلك داخل حدودنا. وفي نفس اليوم أيضا تعالت الأصوات في مدينة كرو مطالبة بحل عاجل لمشكل الكهرباء الذي يبدوا أنه تفاقم بشكل مثير للقلق.
قبل أن أنهي هذا العرض لا يفوتني أن ألفت انتباه مجلس الوزراء إلى ما حدث من تلاعب كبير في برنامج أمل 2012 في بلدية المبروك التابعة لمقاطعة جكني في ولاية الحوض الشرقي حيث الأوامر المباشرة من طرف حاكم المقاطعة لعمدة البلدية من أجل تخصيص توزيع حصة البلدية على 28 وجيها سياسيا في المنطقة، مما يعطى انطباعا أن هذا برنامج أمل في مجمله ما هو إلا واجهة لعمل سياسي بحت.
سيدي الرئيس: لقد خاب أمل المنمين في برنامج أمل 2012 حيث أعتبر سكان جكني وانصفني وكيفة وكيهيدي ومقامة وغيرهم عن ألم كبير جراء ما يشاهدونه من شبح جفاف يخيم في الأجواء معتبرين أن ما تحقق يولد من الصدمة أكثر مما يمنح من الأمل. وخاب أمل المسؤولين في مقاطعات جكني وترمسة ومكطع لجحار حيث نفدت منهم الحجج وانعدمت أمامهم البراهين التي طالما كانت شماعة يعلقون عليها إخفاقهم في توفير احتياجات المواطنين في المناطق المذكورة، ولم يبق أمامهم إلى أن يطلقوا صفارة إنذار في وجه كارثة محققة.
سيدي الرئيس: إن كبت حرية الطالب ولد مولود في روصو ما هو إلا دليل على الاعتداء الصارخ على “حرية التعبير” التي صرحتم أكثر من مرة أنها “مكفولة ومصانة”. وإن قضية اعتقال الموطن الذي وجه إليكم انتقادا في مدينة ازويرات ليبتعد كل البعد عن الامتثال للمثل الشعبي القائل: “أسمع أكلام أمبكيينك ولا تسمع أكلام أمظحكينك“.
سيدي الرئيس: وأعضاء مجلس الوزراء الموقرين أرت أن أقدم لكم بيانا يعكس الأوضاع الحقيقية بدون تحفظ وبلا وجل، محاولا أن أستبق بيان وزير الداخلية عن الحالة في الداخل. عاملا على أن أسمعكم آهات العطشى، وتأوهات المنمين، وصرخات المكبوتين، واستغاثة المسؤولين، لعلها تجد متسعا من نقاش مجلسكم الموقر.
سيدي الرئيس: إن ما ورد في تصريحات المسؤولين واستغاثات المواطنين وكبت حريات بعضهم ومصادرة آراء آخرين يكشف إما أن “توجيهاتكم القيمة” في العمل على “خدمة المواطنين ومنحهم الحرية الكافية للتعبير عن آرائهم” لم تجد تجسيدا على أرض الواقع من طرف من يشغلون مناصب لم يسخروها لـ”تنفيذ تعليماتكم السامية ” وبالتالي فإنهم غير مؤهلين لشغل تلك المناصب أو إما أن توجيهاتكم مجرد فرقعات إعلامية لا يوجد تجسيدا لها على أرض الواقع.
في الأخير لا يفوتني أن أعترف أن ما سطرته خلال هذه الأحرف من معانات ماثلة للعيان ما هو إلا مجرد غيض من فيض وما خفي أعظم.