وتنوعت النقاشات التي كانت في أغلبها تعلن رفض توقيف بث البرنامج وتتضامن مع الإذاعة ومقدم البرنامج الصحفي زايد ولد محمد.
بالنسبة للشاعر والمهندس الشيخ ولد بلعمش فإن القرار الذي اتخذته الهابا غير مفهوم، حيث كتب تدوينة تحت عنوان “لا يمكن إغلاق الصحراء”، قال فيها:
استضافني برنامج صحراء توك مرتين وحرصت على الاستماع إليه في كثير من الحالات ولا أفهم لماذا يقررون منع بثه.
وأضاف الشاعر في سياق وصفه للبرنامج الإذاعي:
البرنامج أخذ من الصحراء حرارتها واتساع أفقها وحريتها وفطريتها؛ أما صاحبه فمن الذين لا يقولون بغير ما يرون ولم يتعودوا الأقنعة”.
وفي تعليقه على خلفيات القرار قال ولد بلعمش:
أتهم من نصح المعنيين بهذا القرار في أحد أمرين الذكاء والإخلاص أو كليهما معا؛ فمن جهة الذكاء عندما تمنع جهة لديك مأخذ عليها، فأنت توفر لها دعاية منقطعة النظير؛ وأما من جهة الإخلاص فخير للجهات الرسمية أن تقول على كل منبر إنه لا تراجع عن حرية الكلمة ويكون لها شاهد من الواقع، ومن البديهي أن الشاهد سيغيب لو قاطعها أحدهم قائلا: فَلِمَ أوقفتم برنامجا إذاعيا مادته الكلام ؟!”.ليت من يقدر على تصحيح خطأ الهابا يبادر إلى تصحيحه على الفور.
من جهته وصف الصحفي والناقد الدكتور الشيخ ولد سيدي عبد الله القرار بـ”الغريب”، وكتب تدوينة قال فيها:
غريب جدا أن يتم تجاوز كل فظاعاتنا المهنية وسوءاتنا الإعلامية ليكون أول قرار عقابي موجه لإحدى أكثر مؤسساتنا الإعلامية احتراما ومصداقية.
أتمنى أن يكون هذا مؤشرا على أن تلك المنابر الكارثة مصيرها الإغلاق النهائي.
كل التضامن مع الزميل والصديق زايد ومؤسسة صحراء ميديا المحترمة إثر قرار الهابا توقيف برنامج (صحراء توك) الأكثر متابعة إذاعيا في موريتانيا.
منابر إعلامية كثيرة ليست صحراء توك تستحق الإيقاف وهي آفة الحقل الصحفي أخلاقيا ومهنيا.
نعم لإلغاء قرار التوقيف وتوجيهه إلى مكانه المناسب.
أما المدون عبد الله ولد إسلم (الباز المشهد) فقد اعتبر أن البرنامج كان فرصة أمام البسطاء قبل المثقفين، في ظل غياب تام لأي توجيه من طرف مقدم البرنامج، وأطلق المدون حملة تحت هاشتاغ #إيقاف_صحراء_توك.
وكتب في تدوينة عقب إعلان القرار:
أعرف الجهد الذي بذله زايد وصحراء ميديا لإطلاق برنامج جماهيري يلامس الواقع ويفتح الخط أمام البسطاء قبل المثقفين لطرح مشاكلهم ورؤيتهم لما يجري بالبلد، ورغم أن مقدم البرنامج لا يوجه المشاركين لا دعما ولا رفضا للسلطة بل يترك الحرية للتعبير تجري مجراها المعتاد.
فقد أصبح من اللازم وقف البرنامج بعد شتى المحاولات التي هدفت وتهدف لتدجين الصحفي العاض على الجمر الإعلامي لتقديم رسالته، حاولوا معه في الوزارة وطلبوا منه الانضمام بكل الطرق، وطلبوا منه أن يطلب المساعدات التي يريد “الرشاوى” بمفهومهم وفق فقه السمسرة التي أطر لها النظام و قائده.
وأضاف المدون مخاطباً مقدم البرنامج:
عزيزي زايد أن تزيد رصيدك مرة تلو الأخرى لدى مستمعيك وتزيد رصيدك في الرافضين لمنطق التدجين والتهجين.
هؤلاء الأغبياء ينقصهم التفكير بطريقة صحيحة، قل لهم إن الفيس بوك وتويتر والمواقع المحجوزة عبر هذا الفضاء، توصل الصوت وتربط الإعلامي بجمهوره وتوفر له من الأدوات ما يوصل به رسالته ويتفاعل به مع جمهوره.
صفحة صحراء توك كافية لإدارة مواضيعك واستضافة جمهورك وضيوفك.
من جانبه أشار الصحفي عبد الله ولد سيديا إلى أن الهابا بذلت “جهداً مضنياً للتتبع عثرات البرنامج على مدى سنوات”؛ وقال معلقاً على ذلك:
لو خصصت الهابا جزءا من هذا الاهتمام للمواقع الإلكترونية والجرائد الرخيصة التي تسب البلاد والعباد والشجر والدواب وتبتز الوزير والمدير والغفير والغني والفقير دون تمييز.
لو أن الهابا بحثت عن مواطن الخلل في هذه المواقع وتلك الصحف لفهمنا أنها فعلا غيورة على المهنية ومصلحة الوطن والمواطن.
لو أن الهابا وجهت إنذارا لآلاف المتملقين على أبواب الإدارات والوزارات باسم الصحافة وسحبت تراخيصهم وصادرت بطاقاتهم الصحفية لتفهمنا ما قامت به مع زايد وبرنامجه.
لكن ولأن الهابا غطت في سبات عميق لسنوات وتركت الحبل على الغارب لسنوات وساهمت بقصد أو بغيره في تمييع هذه المهنة وتركيعها، فإننا لا يمكن أن نفهم ما فعلته مع صحراء توك إلا في إطار تصفية الحساب مع برنامج ناجح وإعلامي متميز.
لأنني أكن قدرا كبيرا من الاحترام لرئيس السلطة العليا للصحافة والسمعيات البصرية السيد حمود ولد أمحمد، وأعتبره من أكفأ الأطر الموريتانية، فإنني أرجو أن لا تأخذه العزة بالإثم، وأن يبادر إلى العدول عن قرار وقف صحراء توك.
من جهته قال الصحفي الهيبة ولد الشيخ سيداتي إن الإعلام العمومي أولى بالرقابة من الإعلام الخاص، حيث كتب في تدوينة مقتضبة:
الإعلام العمومي أولى بالرقابة والضبط يا هابا، فهو الممول من أموال المواطن العادي وحجم الأخطاء فيه كبير وهو الأقرب إليكم والأقربون أولى بالمعروف.
أما المدون والكاتب الشيخ ولد لحبيب فقد عبر عن قلقه من الشروع في مرحلة جديدة من “التضييق” على حرية الصحافة، وكتب:
من الواضح أن “الهابا” دخلت فعليا في المرحلة الثانية من مسار التضييق على ما كان يسمى هنا بـ”حرية الصحافة”..، فبعد بيان ” شرف الرئيس” المشهور ، هاهي اليوم توقف أشهر البرامج الإذاعية في هذه البلاد وهو “برنامج صحراء توك” الذي يبث من إذاعة صحراء ميديا..، وهاهي تستدعي ممثلي ثلاث قنوات خاصة للتباحث معهم في ما يسمى بـ”دفتر الشروط و الالتزامات”.
في السياق ذاته استعاد الصحفي السالك ولد عبد الله ذكريات “المادة 11″، مشيراً إلى أن السلطة العليا للصحافة والسمعيات البصرية “أيقظتها من بياتها الشتوي”؛ وكتب ولد عبد الله:
أخــــــــــــــــــــيرا، أيقظت “هـــــــــابا ” لارتيكل 11 من بياته الشتوي
في زمن مقص المادة 11 كانت صحيفة “القلــــم” ومجلة “موريتاني نوفيــل” الأكثر تعرضا للمصادرة، لأنهما الأكثر انتشارا وتأثيرا في الساحة الموريتانية رغم محدودية التوزيع (نواكشوط ونواذيبو فقط)؛ اليوم وفي ظل تصدر موريتانيا قائمة الدول العربية (يــا سلام) في مجال حرية التعبير، تأتي “هابا” بمادة 11 جديدة تمنع بها بث برنامج صحراء توك.. قبعتي لك يا زايد فهذا اعتراف رسمي بنجاح برنامجك (صحراء توك)، بعد إجماع المستمعين على ذلك.
نفس المخاوف عبر عنها المدون محمد الأمين ولد سيدي مولود حين اعتبر أن توقيف برنامج “صحراء توك” مجرد بداية وجس لنبض الرأي العام، وكتب في تدوينته:
من الردود المناسبة على إيقاف الهابا لبرنامج صحراء توك، أن يقوم المدونون بنشر ما يمكن الحصول عليه من حلقات البرنامج المنشورة على النت، وخاصة الحلقة الأخيرة، وحلقة العدالة وغيرهما مما يزعج الفاسدين ورعاة القمع وتابعي الاستبداد.
توقيف برنامج “صحراء توك” مجرد بداية.. سيرصدون ردود فعل الحالمين بالحرية، وإلى أين ستصل هذه الردود؟ وبعدها سيكملون بمصادرة المزيد من الآراء، ووقف المزيد من البرامج، والتضييق على المزيد من وسائل الإعلام.
أما المدون والكاتب الصحفي حبيب الله ولد أحمد فقد قلل من شأن القرار وقال إنه لا يعدو كونه “ضريبة نجاح”، مشيداً بالبرنامج:
لتكن الـ”هابا” واثقة أنها لن تضيق واسعا ولن تطفئ شمس الحرية وأنها مهما فعلت لن تقتل الحقيقة؛ وأن مصادرتها لبرنامج “صحراء توك” لمقدمه الصحفي المتألق زايد محمد ليس إلا ضريبة نجاح لبرنامج صدح بالحقيقة وأشرك كل الموريتانيين في التعاطي مع الشأن العام ووضع لهم نقاطا طالما بحثوا عنها فوق أحرف حائرة يراد منها تغييبهم والتعمية عليهم.
برنامج زايد أضاء النقاط المعتمة وصرخ بالمسكوت عنه وفضح كل الممارسات الظالمة وجلب الصحافة للمواطن البسيط بدل أن يبقيها دمية جامدة في قصر السلطان.
تضامننا الكامل مع زايد محمد ومع إذاعة صحراء ميديا وإدارتها وعمالها ومع الإعلامي الفذ عبد الله محمدي الذي كافح لتكون لدينا صحافة حقيقية ثائرة على الانطباعية والنمطية.
في المقابل تحدث البعض عن مآخذ على البرنامج غير أنهم في نفس الوقت لم يجدوا في ذلك مبرراً لتعليق بثه، من هؤلاء المدون المصطفى ولد أحمد الذي كتب:
لدي الكثير من المآخذ على صحراء ميديا وبرنامجها المسمى صحراء توك، إلا أنني لا أرى في ذلك ما يبرر التضييق عليها، ولا أجد في ما تسوقه الهبا ضدها مثقال ذرة مصداقية.
أكثر من كل ذلك، يبدو لي أن هذه (الهباء) أصبحت تلعب دور القضاء الغائب المغيب بطريقة مهينة لروح القانون والمنطق.
أما المدون والكاتب (أنا أحمد) فقد استعرض المبررات التي قدمتها السلطة العليا للصحافة، ودعا إلى النظر فيها بعيداً عن “العواطف والمزايدات السياسية”، وكتب في هذا السياق:
بعيدا عن العواطف والمزايدات السياسة لنأخذ هذه “التجاوزات” واحدة واحدة ونضعها على محك أخلاقيات مهنة الصحافة والقانون المنظم لها ولنتدارسها لمعرفة هل كانت الهابا على حق أم لا.. يهمني كثيرا أن نتحلى بالروح العلمية في هذا النقاش.
وعاد نفس المدون ليؤكد أن القانون يمنح للهابا صلاحيات اتخاذ هذا النوع من القرارات، قبل أن يتساءل إن كانت الهابا قد أفرطت في استخدام صلاحياتها:
على العموم اعتقد أن القانون يعطي للهابا سلطة تقديرية في تطبيق عقوباتها متى، وكيف، وعلى من تشاء، وبالتالي تصرف السلطة ضمن اختصاصاتها الممنوحة لها قانونا مسألة مقبولة بل مطلوبة، وهذا ما اعتبره من قبيل تصرف المالك في ملكه يسمى عدلا لا جوارا.
لكن الأسئلة المهمة هل تصرفت الهابا في نطاق اختصاصها؟ هل وفقت الهابا في تشخيص التجاوزات طبقا للقانون؟ بمعنى آخر هل تعسفت الهابا في استخدام السلطة الممنوحة لها قانونا؟ هل ما وصفته بالتجاوزات فعلا هي تجاوزات حسب القانون أولا و أخلاقيات مهنة الصحافة ثانيا؟
حالة الغليان التي عاشها الفيسبوك خلال اليوم الماضي لم تخلُ من شهادات في حق مؤسسة صحراء ميديا، كان من أبرزها ما كتبه النائب البرلماني السابق بداهية ولد السباعي:
صحراء ميديا صوت إعلامى متميز، يملك مصداقية كبيرة وحافظ على مسافة من جميع الفرقاء السياسيين حسب تجربتي في البرلمان، إذ كانت الموقع الوحيد الذي يغطى بمهنية وحيادية وبعيدا عن الابتزاز وتصفية الحسابات.
برنامج صحراء توك هو برنامج ناجح بكل المقاييس فأرجوكم دعوا أي شيء ينجح في بلدنا.
في السياق ذاته تدخل تدوينة الصحفي أبي ولد زيدان:
صحراء ميديا هي المؤسسة الإعلامية المهنية الوحيدة في البلد، دون أن أتجاهل جهد مؤسسات أخرى تأتي بعدها وإن بنسب متباعدة جدا.
هي إيقونة إعلامنا والمساس بحريتها ومحاولة تدجينها هو طعن للرئة الوحيدة التي يتنفسها هذا الشعب المغضوب عليه.
لا يا هابا.. إلا صحراء ميديا، ودونكم من شنقيط حتى المرابطون، مرورا بالوطنية والساحل، ففيهم ما يشغلكم.