تسلمت الحكومة الائتلافية في تونس اليوم الجمعة السلطة رسمياً من الحكومة الانتقالية، وتضم الحكومة الجديدة علمانيين وخصومهم من الإسلاميين، لتنقل بذلك تونس إلى الديمقراطية الكاملة، بعد أول انتخابات برلمانية حرة قبل ثلاثة أشهر.
وبعد أربع سنوات من الإطاحة بالرئيس السابق زين العابدين بن علي التي ألهمت انتفاضات “الربيع العربي” في المنطقة أصبحت تونس نموذجاً للتوافق بين الخصوم السياسيين والانتقال الديمقراطي الهادئ في المنطقة المضطربة بعد صياغة دستور جديد وإجراء انتخابات حرة العام الماضي.
وفاز حزب نداء تونس العلماني بأغلب المقاعد في البرلمان الجديد، لكن رئيس الوزراء الحبيب الصيد شكل حكومة ائتلاف تضم النداء وخصمه الإسلامي حزب النهضة وأحزابا أخرى صغيرة، وأمس الخميس منح البرلمان ثقته لحكومة الصيد التي ستحكم البلاد لخمس سنوات.
وبعد أداء القسم في قصر الرئاسة بقرطاج أقيمت مراسم تسليم السلطة لحكومة الصيد بخطاب ألقاه رئيس الوزراء المنتهية ولايته مهدي جمعة، الذي دعا لمواصلة الوحدة الوطنية.
وأضاف جمعة قائلا “بفضل عقلية التوافق والنضج السياسي تجاوزنا الأزمات ووصلنا لانتخابات حرة قادتنا إلى الانتقال السلس والحضاري للسلطة مرة أخرى”.
وخلال الحفل سلم جمعة العديد من الملفات الاقتصادية والسياسية لخلفه الصيد قائلا إنه يحاول إرساء تقليد جديد لتسهيل عمل الحكومة المقبلة.
وقال الحبيب الصيد في كلمة “بعد نجاح الانتقال الديمقراطي يتعين اليوم أن ننجح في الانتقال الاقتصادي بتحفيز النمو ومكافحة الفقر وفتح باب الأمل أمام الشبان”.
وتابع “يجب المرور فوراً للإصلاحات الهيكلية للاقتصاد ووضع مخططات تنمية جديدة لأن الحلول الوقتية لم تعد ملائمة”.
وتضم حكومة الصيد مسؤولين من حركة نداء تونس العلمانية وحركة النهضة إضافة إلى أحزاب أخرى صغيرة. وعين سليم شاكر عضو نداء تونس وزيرا للمالية بينما يشغل الطيب البكوش، وهو من نداء تونس أيضا منصب وزير الخارجية. وحصلت حركة النهضة على وزارة التشغيل إلى جانب عدد من المناصب الحكومية.
وستواجه الحكومة الجديدة عدة تحديات من بينها درء خطر الجماعات المتشددة وبدء إصلاحات اقتصادية صعبة يطالب بها المقرضون الدوليون لإنعاش الاقتصاد الضعيف.
وقال الصيد إنه سيبدأ تطبيق هذه الإصلاحات العاجلة، ومن بينها ترشيد الدعم وتعديل النظام الضريبي والإصلاح المصرفي إضافة إلى خفض الإنفاق العام.
ووافق صندوق النقد الدولي عام 2012 على دعم تونس ببرنامج ائتماني قيمته 1.74 مليار دولار. في المقابل وافقت تونس على تقليص العجز في الميزانية واتخاذ إجراءات لتكون سوق صرف العملات الأجنبية أكثر مرونة.
وتتوقع تونس أن يبلغ النمو الاقتصادي 3.0 بالمئة في 2015، مقارنة مع 2.5 في المئة في 2014 إضافة لسعيها لخفض العجز في الميزانية إلى5.0 بالمئة.