طفرة في البيانات ذات اللهجة الحادة ميزت الشهور القليلة الماضية حملت طريقة تعبير حادة للرئيس الأسبق العقيد اعلي ولد محمد فال. فقد تناسقت جمله النارية في أكثر من مناسبة تارة، ومن دون مناسبة بينة تارة أخرى.
جاءت كلمات العقيد لتكشف عن شحنات غضب كامنة على ما يبدو في صدر ولد محمد فال اتجاه النظام الحاكم في نواكشوط.
حرب ساحتها واجهات المواقع الالكترونية والصحف ومواقع التواصل الاجتماعي، وأدواتها مداد أقلام ثائرة، بعضها موقع باسم العقيد في شكل بيان وبعضها في صور وأشكال لأخرى لكتاب يدافعون عن خصم العقيد؛ الرئيس محمد ولد عبد العزيز.
ولد عبد العزيز الذي يُعد متمردا عسكريا انفرد بالحكم بعد أن قاد تمردا، بحسب مضامين البيانات التي أصدرها ولد محمد فال في الشهور القليلة الماضية.
الرئيس الأسبق الذي قاد الفترة الانتقالية (2005 ـ 2007)، قال في أحد بياناته إبان تنصيب الرئيس محمد ولد عبد العزيز لولاية ثانية وأخيرة، إن حفل التنصيب يشكل مأتما، وتوعد حينها بمستقبل قاتم لنظام ابن عمه.
وفي أتون ذلك السجال، مضى حفل تنصيب الرئيس محمد ولد عبد العزيز فيما حضر نجله المراسيم في رسالة لم تخل من مضامين، بينما كان ولد عبد العزيز قد قرر السفر إلى الولايات المتحدة الأمريكية للمشاركة في القمة أفريقيا ـ أمريكا بوصفه رئيسا للاتحاد الأفريقي.
ولكن ولد محمد فال أطلق في تلك الآونة سلسلة تصريحات نارية، قال فيها إن الرئيس يسبب الحرج لأعرق الديمقراطيات في الغرب بتمثيله القارة الأفريقية إلى جانب رئيس أكبر الدول الديمقراطية في العالم، ويبدو أن الساحة الموريتانية أصبحت تتفرج على تلك الحرب الباردة بين رجلين اشتركا معا في الانقلاب الذي أطاح بالرئيس الأسبق معاوية ولد سيدي أحمد الطائع، وتفرقا بعد تنصيب أول رئيس مدني منتخب هو سيدي ولد الشيخ عبد الله، الذي أطاح به الجنرال ولد عبد العزيز بعد عام وأربعة شهور.
صدى تلك الحرب لم يجد غير واجهات الصحافة الالكترونية؛ في زمن عز فيه التغيير عن طريق الانقلاب وفق تعبير أحد الكتاب.
“حرب الكُتاب” عكست أيضا خلو المشهد من لاعبين آخرين؛ على الأقل في العلن، فالأحزاب المنضوية تحت لواء المنتدى الوطني للديمقراطية والوحدة لا تزال تلتزم ما بـ”هدنة” منذ تنصيب الرئيس محمد ولد عبد العزيز، وهي هدنة فسرها بعض المتابعين، على أنها استراحة محارب في انتظار ما قد تؤول إليه الحرب الباردة بين العقيد والجنرال.
وفيما انهمكت بعض قوى المعارضة لاسيما التيار الإسلامي في ترتيب بيت مؤسسة المعارضة في ثوبه الجديد، اقتصرت أنشطة أحزاب كتكتل القوى الديمقراطية واتحاد قوى التقدم على إصدار بيانات مقتضبة تنتقد الوضع بأسلوب حذر، وتتجنب تكرار العبارات خوفا من السقوط في الرتابة.
ووسط هذه الأجواء يستمر العقيد والرئيس السابق في سبك بيانات قوية اللهجة مع تزايد حدة الخلاف مع ولد عبد العزيز. وفي أحدث بيان له هاجم ولد محمد فال، محمد ولد عبد العزيز وقال إنه عسكري متمرد اختطف البلاد، مشيرا إلى أن خطابه السياسي “يتميز بالضعف الناجم عن فقره الأخلاقي وإسفافه الفكري،” بحسب بيان ولد محمد فال.
وحاول ولد محمد فال الرد ضمنيا على بعض المعلومات التي تناولتها صحف مقربة من السلطات واتهمته بأن له علاقة بسفينة محملة بالأسلحة اغرقت قرب سواحل العاصمة السنغالية داكار منتصف أغسطس الجاري، واتهامات حادة له بالفساد والماضي غير المشرف في مجال التسيير العام، وإدارة أمن البلاد. وانتقد ولد محمد فال ما أسماها الطريقة التي يواجه بها ولد عبد العزيز معارضيه وغيرهم من الشخصيات الغيورة على مصلحة البلد “والتي ترتكز على الشائعات والتهديدات وتلفيق الاتهامات الباطلة والواهية وحتى إدخالهم السجون في قضايا مفتعلة تنتهي في الغالب دون محاكمة وبعيدا عن المساطر القانونية المعروفة” بحسب ولد محمد فال.