قطع الأوربيون علاقاتهم الدبلوماسية مع إيران ، وفرضوا عليها ضروبا من العقوبات الإقتصادية المؤلمة ، وفتحوا مخازن أسلحتهم لصدام حسين الذي كان قد شن حربا لإجهاض الثورة الإسلامية الوليدة ، ورغم ذلك كله لم يتراجع الخميني عن فتواه باعتبارها واجبا شرعيا ، يتقرب إلي الله به ، وظل متمسكا بها حتى رمقه الأخير ، وشكلت فتواه بعد وفاته أحد أكبر العوائق التي حالت دون تطبيع العلاقات بين إيران والدول الأوربية لسنوات طويلة ،
ولم تجد الدول الأوربية بدا من التراجع عن اشتراط إبطال فتوي الخميني ، لإعادة علاقاتها مع إيران ، واقتصرت علي تكليف “الأسكوتلانديارد” بتشديد الحراسة علي سليمان رشدي وضمان أمنه ، ولا زالت “جمعية الإمام الخميني” في طهران، حتى يومنا هذا ، ترصد جائزة قدرها مليونان وثمانمائة ألف دولار بالتمام والكمال لمن يأتيها بـ ” سليمان رشدي ” حيا أو ميتا .
وكانت تلك بداية سيل الإساءات التي تتالت بعد ذلك : تسليمة نسرين البنغالية ( رواية العار 1994 ) فيلم ” الخضوع “( 2004) للمخرج الهولندي ” ثيو فان جوخ ” بالإشتراك مع الصومالية – الهولندية المرتدة ” هرسي علي وبعد ذلك تم “نشر رسوم ” كورت فيتسجارت” المسيئة في صحيفة ” يولاندس بوستن ” الدنماركية لأول مرة سنة 2005 ثم أعادت نشرها ” شارلي أبدو ” الفرنسية سنة 2006 ، وتلا ذلك فيلم ” فتنة ” للسياسي الهولندي المتطرف ” خيرت فيلدرز( 2008 ) ثم ” براءة المسلمين ” للمخرج الأمريكي – الإسرائيلي ” سام باسيل” 2012 ..إلي آخر تلك الإساءات التي لم تكن ولن تكون ” شارلي أبدو ” إلا حلقة واحدة من حلقاتها البغيضة .
ورغم تهافت هذه الأعمال وخلوها من أي ملمح فني أو إبداعي – ناهيك عن الأخلاقي أوالجمالي – فقد تم الإحتفاء والإحتفال بها في عواصم الدول الأوربية ، وحظي أصحابها بالتكريم والتبجيل وأغدقت عليهم أرفع الأوسمة و وأعظم الجوائز ، وكان لفرنسا القدح المعلي في ذلك حيث جمع الرئيس المخلوع ساركوزي في سنة 2009 بين ” الأختين ” تسليمة نسرين و “هرس علي” في مدينة باريس وكرَّمهما في حفل رسمي بهيج .
لقد مضي الآن ربع قرن بالتمام والكمال ( 1989-2014 ) علي فتوي الإمام الخميني الذي يمكن اعتباره – بفتواه تلك – المؤسس الفعلي الأول لتيار ” نصرة النبي صلي الله عليه وسلم ” الذي يتواجد اليوم في ساحات العالم الإسلامي ، ويواجه بقوة موجة الإساءات التي يتعرض لها الإسلام في شخص رسوله الكريم .
لقد كان استحضار فتوي الإمام الخميني بهدر دم ” سليمان رشدي ” وراء المظاهرات العارمة التي خرجت سنة 1994 في العاصمة البنغالية ” دكا ” احتجاجا علي رواية ” العار ” للمسيئة البنغالية ” تسليمة نسرين ” ثم امتدت تلك المظاهرات بعد ذلك بأعنف وأشد إلي الهند وباكستان وإيران وأندنوسيا ، حتى تم طرد ” نسرين” – لا من القارة الهندية فقط – بل من قارة أسيا بأكملها ، وهي تعيش الآن شريدة طريدة في سراديب المدن الأوربية وأقبيتها المظلمة ، ثماما مثل سلفها في الإساءة والردة ” سليمان رشدي ” .