ولد الحسن: كانت المخيمات تتبع لقادة الجبهات القتالية؛ “وهو ما يفسر تراجع أعداد اللاجئين وولاءهم لمالي”
النعمة ـ الرجل بن عمر
لا تخلو إدارة أزمة اللاجئين الماليين الفارين من المعارك الدائرة شمال مالي من مشاكل تحيل العملية الإنسانية إلى مشهد شبه متوتر بالكامل.
ويواجه القائمون على عمليات الإغاثة في موريتانيا جملة تحديات بسبب الأوضاع النفسية للاجئين وكذا التنافر في العادات والتقاليد بين المجموعات العربية ك”ترمز” و”البرابيش”، والزنجية ك”الفوغاس”، و”لنصار”، و”لغزاف”، وغيرهما ك”إندنان و”الدوفناه و”الصوراي”.
محمد ولد الحسن 58 سنة هو خبير سابق معتمد من طرف برنامج الغذاء العالمي التابع للأمم المتحدة؛ أشرف على انطلاقة أول عملية إغاثة في موريتانيا عام 1991.
أدار ثلاث مخيمات لجوء في موريتانيا مدة 6 سنوات ويتمتع بتجربة 20 سنة في مجال الإغاثة الإنسانية جعلته يعمل بذات المجال في بعض أزمات إفريقيا.
ولد الحسن وبعد 16 سنة على تسوية أول أزمة لللاجئين الماليين كانت شرارتها مع نزاع عرقي لحركة “كانداكور” وتعني أصحاب الأرض المناوئين لمتمردي الطوارق؛ يستعرض مع صحراء ميديا بعض الآثار المترتبة على ذلك الصراع وما خلفه من عشرات آلاف الآسر اللاجئة على الأراضي الموريتانية.
ويتذكر الخبير الأممي بلوغ أعداد اللاجئين الفارين من الحرب شمال مالي بعد إحصاء عام 1995 إلى 83.000 ألف أسرة بمعدل أربعة أفراد؛ موزعين على أول مخيمات لجوء في موريتانيا “أمبيره” و”باسكنو” و”أغور“.
حيث شقت بها المياه وبنيت المستشفيات والمخازن الغذائية والمدارس التعليمية.. تحت إشراف الإغاثة الإسلامية وبرنامج الغذاء العالمي ومفوضية الأمم المتحدة للاجئينHCR ومنظمة أطباء بلا حدود.. إضافة إلى تضامن من اللوردات البريطاني وسوار الذهب؛ الرئيس الأسبق السوداني وبعض الوزراء الأوروبيين حيث كانت وتيرة الإقبال تزيد على 5000 لاجئ يوميا.
ووسط هذا الطوفان البشري المخيف ـ حينها ـ جرب مسؤول التموين بمخيمات الإيواء عددا من الخطط الميدانية لاحتواء تدفق اللاجئين وتسيير خلافاتهم عبر تصنيفهم على أساس معطيات الثقافة والتقاليد ما سمح بمزيد من التعاون بشأن اختيار كل من الجدرة بنت أمي كرئيسة لمركز “أغور” ومحمد آغ محمد أحمد لمركز “باسكنو” وحمزة أغ حمت لمركز “انيره”؛ إذ لم يخل الامر من محاولات استقطابات على أساس الولاء لقادة الجبهات القتالية.
ومن تجليات ذلك تزعم أسرة؛ الذهبي ولد أمي قائدة الجبهة العربية لتحرير أزواد مخيم “أغور” وأسرة مكدي قائد جبهة الأفلا مخيم باسكنو، وتزعم آغ محمد قائد الجبهة الإسلامية مخيم “أنييره” فصاله.
وفي السياق ذاته رصد ولد الحسن لقاء مطولا بين والي الحوض الشرقي حينها الداه ولد عبد الجليل وقائد الجبهة العربية “الذهبي ولد أمي غير بعيد من حاسي مدين على الحدود مع أزواد أثناء جولة أمنية.
جاء ذلك في وقت تشهد فيه المنطقة الحدودية عدة مناوشات وعمليات سطو وسلب لبعض ممتلكات منظمات الإغاثة الدولية؛ حيث اختطفت عدد من السيارات من بينها سيارة لمفوضية الأمم المتحدة للاجئينHCR.
ولم تتعزز السيطرة الأمنية الموريتانية على الحدود إلا بعد عودة حوالي 85% من اللاجئيين إلى مواطنهم الأصلية كنتيجة للتسوية مع مالي عام 1996.
ويعيد ولد الحسن انتعاش اقتصاد تهريب السجائر وبعض المواد المستوردة إلى الجزائر وشمال مالي لاستقرار نسبة 15% من الاجئيين في باسكنو حيث جميع الخدمات الأساسية التي شيدت فترة الإيواء وبقي بعضها مستعملا لغاية عام 2007.
كما تساءل ولد الحسن؛ كمراقب للوضع الإنساني بمخيمات اللجوء شرقي موريتانيا، عن السر في تراجع أعداد اللاجئين للعام 2012 إلى اقل من 30% مقارنة مع عام 1992. ويعيد الأمر لعدد من التوازنات الداخلية بين النظام المالي وحركات التمرد الأزوادية. موضحا في ذات السياق قراءته للوضع الراهن بمخيم “أمبيره” من زاويتين:
الأولى على فرض أن اللاجئين الحاليين هم ضحايا القصف الجوي لقوات المدفعية العسكرية للجيش المالي “تكون الجهود الموريتانية بداية لصوملة جديدة ودعما لحركات التمرد”؛ كما يقول.
والثانية تصبح جهود الإغاثة جزءا من أداء الواجب الإنساني لمالي كدولة جارة؛ وهو ما يحتم اتخاذ إجراءات أمنية مشددة عبر حزام أمني يبدأ من منطقة “ناره” قرب عدل بكرو حتى منطقة “أشكيكات”، التي تبعد حوالي 800 كلم من ولاته، لمنع تسلل عناصر القاعدة الذين باتوا يبسطون سيطرتهم على أجزاء واسعة من صحراء أزواد.