“غياب السياح الأجانب ومنع الجهر بالإفطار.. وجلد السكارى والمدانين”.. مظاهر تشهدها المدينة لأول مرة
تمبكتو ـ عثمان آغ محمد عثمان
تبدو شوارع مدينة تمبكتو؛ شمال مالي، أكثر من هادئة في ليالي أول رمضان تعيشه المدينة تحت سيطرة حركة أنصار الدين الإسلامية، في ظل اعتدال درجات الحرارة.
السكان تحدثوا لصحراء ميديا عما وصفوه باستتباب الأمن “الناتج عن الانتشار المكثف لعناصر أنصار الدين في مختلف شوارع المدينة”، وهي ظاهرة يقولون إنها جديدة على المدينة، “حيث لم تخل المناسبات الرمضانية من أحداث قتل وسرقة وانتهاك شرف تعكر صفو الشهر الكريم”.
“الشرطة الإسلامية”؛ كما تسمي الحركة رجال أمنها، يقومون بدوريات ليلية “لحفظ الأمن ومنع المنكرات”؛ بحسب قولهم.
ولأول مرة في تاريخ المدينة تجد الكثبان الرملية الذهبية المحيطة بالمدينة نفسها وقد خلت من مئات السياح الذين يدفعون مدخراتهم من أجل استنشاق نسيم المدينة على مدار السنة، خاصة في شهر رمضان، حيث تزدحم تلك الرمال بشباب المدينة الذين يعكرون النسيم العليل بدخان السجائر ويواصلون السمر حتى طلوع الفجر.
أما اليوم، وبعد سيطرة حركة أنصار الدين على المدينة، فقد حلت رائحة الشواء التنبكتي؛ المحرم قبل صلاة العصر، محل رائحة السيجارة التي أصبحت محرمة التداول والاستعمال، وخلت كثبان المدينة من السياح والشباب الماجن؛ كما يسميه أنصار الحركة الإسلامية المسيطرة على المدينة.
ومن المظاهر التي اختفت من حياة الصيام في تمبكتو ظاهرة الجهر بالإفطار، غير أن السكارى بفعل تناول الخمر لا يزالون أوفياء لعادتهم القديمة، حتى وهم ينالون نصيبهم من سياط حكام المدينة الجدد، بخلاف الإذاعات المحلية التي طرحت أغانيها العاطفية وبرامجها الترفيهية جانبا، وخصصت كل وقتها لبث القرآن والوعظ والترهيب والترغيب.
ولا يكاد يمر يومَا الاثنين والثلاثاء؛ وهي الايام المخصصة للمحاكمة الاسلامية، دون أن يجلد أحد المدانين في المثلث الذي يربط بين السوقين الصغير والكبير وبين مركز الشرطة الاسلامية.
ويبدو أن الجلد الذي تطبقه المحكمة الاسلامية يكون خفيفا، وقد لا تترتب عنه آلام بدنية، غير أن آلامه النفسية تترك أثرا كبيرا في النفس أمام جمهور استدعي لمشاهدة تنفيذ الحكم، وهي الآلام التي تدفع بالكثيرين ممن جلدوا إلى تحاشي الفعل المسبب للجلد، فلا يقعون فيه مستقبلا.. وتلك هي غاية قضاة أنصار الدين.
ولقد شهد شهر رمضان الجاري تنفيذ عدة أحكام بالجلد وعدة حالات من الاعتقال، ومن بين من استضافتهم سجلات مركز الشرطة الإسلامية سيدتان، حضرت إحداهما بقرار شخصي منها، وهي محصنة، إلى مركز الشرطة لتتقدم بشكوى من صديقها المحصن، وهي حبلى منه، بحسب اعترافها.
اعتقل الرجل وأمرت المرأة بالعودة إلى بيتها لتبقى تحت الرقابة إلى أجل ينتهي بوضعها وفطام وليدها المنتظر، قبل أن تعرض على محاكمة قد تقضي برجمها.
أما السيدة الثانية فقد تمت مداهمة منزلها من قبل عناصر الشرطة الإسلامية، بعد التوصل بمعلومات تفيد بضلوعها في عمليات بيع المخدرات، ليتم ضبط أكثر من كيلوغرام من مادة الحشيش بحوزتها، فتم اعتقالها، غير أنها لم تسجن نظرا لغياب سجن نسائي في المدينة، لتعاد إلى بيتها بضمانات يرى مسؤول مركز الشرطة أنها كافية.
وهناك نوع آخر من الجلد، الذي يتعرض له بعض ساكنة مدينة تمبكتو على أيدي جماعة أنصار الدين، وهو الخاص بالمتشاجرين، حيث تتعرض كافة أطراف الشجار للجلد، “لمنع تفاقم الظاهرة في مجتمع تعصف به الخلافات والثأر القديم”؛ كما يؤكد أفراد الشرطة الإسلامية.