قمع “ضد القمع”.. وتكتيكات أنهكت الطرفين.. واعتقالات ومصادرات لتجهيزات صحفيين
نواكشوط ـ محمد ولد زين
لم يفلح المفوض الشاب في إقناع جموع من مناضلي منسقية شباب المعارضة الموريتانية، وهم ينظمون صفوفهم عند بوابة البرلمان الموريتاني لحظات قبيل بدء وقفة احتجاجية قيل إنها “ضد قمع المظاهرات السلمية”.
حاول المفوض إيصال رسالة تلقاها للتو عبر الهاتف، مفادها أن الوقفة “غير مرخصة”؛ طالبا من الفتيات الانسحاب حتى لا يصبن في تنفيذ ما توعد به الرجال؛ قوبلت رسالة المفوض بترديد الحاضرين لشعارات صدحت بها الحناجر “سلمية.. سلمية”؛ في إشارة إلى الوقفة.
عاد المفوض أدراجه وأصدر أوامره لعناصر الشرطة بالتحرك نحو الشباب، قبل أن يستدرك قائلا “لا تستخدموا القنابل”، فاختلطت العناصر الأمنية بشباب “مشعل”؛ وبدت الأمور وكأنها معركة ابلأيدي، وحاول المتظاهرون الجلوس للتأكيد على أنهم لن يبرحوا أماكنهم.
في الأثناء وصلت تعزيزات من فرقة مكافحة الشغب تستقل حافلتين صغيرتين؛ انسحبت عناصر الشرطة بشكل تكتيكي إلى الخلف وهي المدة التي كانت كافية لينظم قائدي فرقتي مكافحة الشغب صفوف كتيبتيهما؛ عندها لا صوت يعلو فوق صوت القنابل الصوتية والمفرقعات التي هزت محيط البرلمان.
بينما كان “محمد فاضل” رئيس منسقية شباب المعارضة ونفر من زملائه يقاومون الشرطة؛ بعد أن تفرقت الجموع؛ كان آخرون ينظمون صفوفهم في الجبهات الخلفية لنقل المواجهة مع العناصر الأمنية إلى ممرات حي مجمع المدارس.
اعتقلت الشرطة محمد فاضل ورفاقه؛ وكان عليها أن تتدارك الأمر في الناحية الجنوبية التي اشعل الشباب فيها إطارات السيارات وقطعوا الطريق وبدأت الحجارة تتقاطر على رجال الأمن.
عزز الطرفان صفوفهما “الباصات والسيارات والمفرقعات” من ناحية الشرطة؛ و”الحجارة والإطارات المشتعلة” من قبل شباب “مشعل”؛ الذين كانوا ينظمون صفوفهم في كل مرة انطلاقا من مقر حزب التكتل القريب من محيط المواجهة؛ قبل أن تنتبه الشرطة للأمر وتقتحم مكان التصعيد الجديد.
وراء الخطوط الخلفية ثمة “طابور المآزرة”، وهم مزيج بين الشباب والفتيات يدلون الوافدين الجدد إلى مكامن الصراع ودروبه.. حرب التكتيكات كانت السمة الأبرز في مواجهات اليوم.. شرطة راجلة ودوريات تجوب حي المدارس، وإغلاق كل الطرق المؤدية للبرلمان.. وشباب ينمون مواهبهم في لعبة الكر والفر.. و”كل الأساليب متاحة”؛ يقول شباب وهو يمتشق عصا استخرجها للتو من غصن شجرة قريبة.
على الأرض تمكن قراءة مخلفات المواجهة من خلال رماد الإطارات، وما تبقى من فتات الحجارة كشواهد على مسارات المواجهة وتدرجها، والاستعداد على أشده لردات فعل قد تصدر بين الفنية والأخرى من هذا الطرف أو ذاك.
لم يمر المشهد دون تسجيل عتقالات في صفوف شباب المعارضة ومصادرة طالت بعض أجهزة الصحفيين.. وعناصر أمنية تحاصر مقر المنظمة الشبابية لحزب “تواصل” الإسلامي.