صحراء ميديا ترصد جانبا من عمل “الشرطة الإسلامية“
غاوا ـ عثمان آغ أحمد عثمان
بدأت حركة التوحيد والجهاد في مدينة غاوا عاصمة أزواد بتطبيق ما تقول إنه شرع الله في الأرض، وباتت لديها محاكم شرعية تبت في القضايا اليومية المطروحة، وتحكم بإقامة الحدود، حيث يقوم مركز الشرطة الإسلامية التابع للجماعة بتعقب المتهمين والقبض عليهم وتقديمهم للمحاكمة.
في أحد مساءات غاوا تلقى أبو محمد رئيس مركز الشرطة الإسلامية في غاوا؛ بلاغا من قبل مشائخ المنطقة يفيد باعتداء ثلاثة شبان على فتاة واغتصابها.
سارع أبو محمد على الفور بمعية مجموعة من عناصر التوحيد والجهاد في غرب إفريقيا إلى المنطقة والقوا القبض على الشبان الثلاثة، الذين دلت عليهم الفتاة وشهود عيان.
نقلت الفتاة على الفور إلى المستشفى، في حين بات الشبان ليلتهم و أمضوا نهارهم في سجن مركز الشرطة الذي تديره جماعة التوحيد والجهاد من خلال جهاز “الشرطة الإسلامية” الذي يديره أبو محمد وهو من أبناء غاوا الزنوج، وأعضاء المجموعة التي برفقة أبو محمد جميعهم من الزنوج، وهم أيضا من أبناء المنطقة.
بدت آثار الدم على قميص أحد الشباب الثلاثة؛ وبالتحديد الشاب الذي اعترف باغتصاب الفتاة، وبدت على الشباب آثار التعب وهم يخرجون من السجن لدخول سيارة الشرطة التي ستنقلهم إلى الجامع الذي سيحاكمون فيه “طبقا لشرع الله” ويقام عليهم الحد إذا أدينوا.
تزامن دخولهم إلى السيارة مع آذان العصر؛ وبعد أن خرجت بهم السيارة من مركز الشرطة توقفت في اكبر أسواق مدينة غاو (سوق واشنطون) ليلتحق بعض أصحاب المظالم بسيارة القصاص ويروا مظالمهم ويعرضوا بيناتهم على القاضي، وفي انتظار ذلك تجمع حشد كبير على السيارة يتفرجون على من وصفهم أبو محمد بالزناة، وظل الأمر كذلك لعدة دقائق؛ مرت طويلة على الشباب الثلاثة وهم يحاولون إخفاء وجهوهم.
التحق أصحاب المظالم بالسيارة، وتوجهوا إلى “جامع ويليغين” بالحي الرابع، حيث ينتظر قاضي الجماعة…جلس الشبان الثلاثة في مكان المحاكمة الذي يقع عند المدخل.
أقيمت صلاة العصر؛ وبعدها خرج الجميع متجهين إلى المكان المخصص للجلسة وبدأت المحاكمة الأولى؛ وكانت في قضية مادية بين رجلين ولكنها أخذت وقتا طويلا، ومر كل ذلك الوقت والشبان الثلاثة يتوسطون الحضور الذي يضم الأطفال والرجال والشيوخ.
كان الجميع يضحكون على كل تعليق من المدعي أو المدعى عليه أو القاضي أو رجال “الشرطة الإسلامية” أو الشهود، وكانوا أيضا يصورون بالهواتف ومن بينهم من يحمل كاميرا للتصوير.
استمر الجدال بين القاضي و طرفي القضية الأولى؛ وانتهت على أن يحلف أحدهم على المصحف وهو يردد عبارة لقنها له القاضي الذي كان ممسكاً المصحف الشريف بيده، فتردد وادعى أن العبارة هي التي يرفض ترديدها وليس القسم وفي النهاية أمره رجل الشرطة بأن يجلس بجانه باعتباره مدانا لأنه رفض أن يحلف على المصحف.
بدأ ممثل الشرطة الإسلامية عرض قضية الشبان الثلاثة المتهمين بالاغتصاب، موجها الكلام إلى القاضي، وشرح له كيف تمت عملية الاغتصاب وما لحق بالفتاة الصغيرة من أضرار.
و شهد شاهد من أهلها بعد أن طلب أبو محمد منه ذلك، وأعطى القاضي الكلام للمتهمين لأجل الدفاع عن أنفسهم فتكلم احدهم واعترف بأنه اغتصب الفتاة؛ وانه متزوج.
أما الآخران فقد اعترفا بان كل منهما قد وفر المساعدة لـ”المغتصب” لكنها لم يغتصبا الفتاة، فطلب منهما القاضي القسم على ذلك، عندها توجه القاضي إلى أبو محمد، والجمهور ليستعرض حكم الله فيهم مبينا ان حكم الزنا مائة جلدة تتم أمام حشد من المسلمين، مستدلا بآية قرآنية، وحكم على الاثنين بالتعزير وعلى ثالثهم المقر بالرجم لأنه متزوج (محصن).
واغتنم القاضي الفرصة ليشرح للجمهور بعض أحكام الزنا، وحين دخوله في التفاصيل، وبدأ الشاب المعترف ينكر أن تكون المواصفات تنطبق عليه، ليثير بذلك موجة ضحك عارمة من الحضور، وهو ما كلفه ضربات موجعة من طرف أبو محمد، كتأديب له على حديثه.
القاضي المشرف على المحكمة الشرعية لحركة التوحيد والجهاد شرح لصحراء ميديا حيثيات القضية وتفاصيلها، وردا على سؤال حول تنفيذ الحكم قال :”أنا قضيت بما ذكر في القرآن ولست المنفذ، ذلك متروك لمن سينفذه” في إشارة إلى جماعة التوحيد والجهاد التي تحكم سيطرتها وتدير شؤون المدينة.
من جهته قال أبو محمد رئيس “مركز الشرطة الإسلامية” التابع للجماعة إنه عندما حضر مشايخ الحي الثامن (المسمى بروغنجي) في مركز الشرطة الإسلامية وقالوا إنه ثلاثة شبان اعتدوا على بنت، ولابد ان نذهب لنرى أمرها.
ويضيف: “ذهبنا إلى هناك والقينا القبض على الشباب وجئنا بهم إلى مركز الشرطة، حبسناهم ليلة واحدة وأتينا بهم عند القاضي الذي حكم بما بينه لكم“.
وردا على سؤال حول من سينفذ الحكم، وغيره من الأحكام قال أبو محمد “نحن مازلنا في المرحلة التدريجية، ولكن بالنسبة لحكم الرجم ، سوف نذهب به ونرفع قضيته إلى الأمراء، ونبين لهم أن القاضي حكم عليه نهائيا بالرجم..”.