سادت أجواء ارتياح السبت في مالي، بعد اتفاق وقف إطلاق النار بين الحكومة ومجموعات مسلحة في شمال البلاد سيطرت على مدينة كيدال، لكن السلطات لا تزال تحت ضغط حلفائها لدفعها لاستئناف المفاوضات مع المتمردين.
وبحسب سكان فان الهدوء خيم السبت على كيدال (أقصى شمال شرق مالي على بعد 1500 كلم من العاصمة باماكو) غداة توقيع اتفاق وقف إطلاق النار.
وبدا الارتياح جليا أثناء مسيرة دعم للجيش المالي في العاصمة باماكو.
وقالت راكي دالا ديارا التي كانت ضمن المتظاهرين الذين قدرت الشرطة عددهم بألفين ، “لا يمكن إلا أن نشيد” بالاتفاق.
وأضافت “الحرب ليست في مصلحة أحد. سيتيح وقف إطلاق النار للجميع التطرق الى مسالة كيدال بعقل أكثر صفاء”.
ونظم التجمع في ساحة الاستقلال بدعوة من أحزاب الائتلاف الداعم للرئيس ابراهيما بوبكر كيتا.
ويواجه كيتا الذي انتخب في العام الماضي، أزمة حادة على خلفية التطورات الأخيرة في كيدال. وأثارت المواجهات مخاوف كثيرين من تجدد الحرب في شمال مالي الذي تهز استقراره منذ عقود حركات طوارق متمردة فضلا عن سقوطه بأيدي مجموعات إسلامية في 2012، قبل أن تطرد هذه المجموعات قوات فرنسية العام الماضي.
وتمكن الرئيس الموريتاني ورئيس الاتحاد الافريقي محمد ولد عبد العزيز الجمعة من انتزاع اتفاق وقف إطلاق النار من الطرفين، كما تطالب المجموعة الدولية وعلى رأسها فرنسا منذ تجدد المعارك الدامية في 17 مايو التي انتهت الأربعاء بهزيمة الجيش المالي في كيدال.
ووقعت اتفاق وقف إطلاق النار الحكومة المالية، وثلاث مجموعات مسلحة من الطوارق والعرب هي الحركة الوطنية لتحرير ازواد والمجلس الاعلى لوحدة ازواد والحركة العربية في ازواد.
وعلاوة على وقف المعارك؛ نص الاتفاق على الإفراج عن الأسرى في أقرب الآجال وتشكيل لجنة تحقيق دولية.
وتمثل كيدال منذ أشهر تحديا كبيرا لدولة مالي، فرغم التدخل العسكري الدولي بقيادة فرنسا المستمر منذ بداية العام الماضي، فان الدولة لم تتمكن بشكل كامل من استعادة هذه المنطقة التي تعتبر تقليديا معقل الطوارق.
وعلاوة على مدينة كيدال سيطرت المجموعات المسلحة على ميناكا التي تقع على بعد 660 كلم جنوب شرق كيدال، بحسب الأمم المتحدة.
ورأى المحلل الاجتماعي المالي مامادو سمكه ان هذا الاتفاق “مهم بالنسبة للأحداث التالية رغم الشعور بالخيبة بين أنصار السلطة الذين كانوا يعتقدون ان المتمردين سيفرجون على الفور عن المدينتين اللتين سيطروا عليهما” كيدال ومناكا.
وخاطب الوزير الأول موسى مارا السبت المتظاهرين الذين تجمعوا في باماكو قائلا “ابقوا مجندين وراء مالي، ابقوا مجندين خلف السلطات وسيستعيد الجيش قريبا مواقعه الأصلية”.
وتواجه السلطات المالية واقعة الآن تحت ضغط دولي شديد وينتظر منها حلفاؤها أكثر من أي وقت مضى ان تستأنف المفاوضات السياسية التي تراوح مكانها.
وأشادت فرنسا السبت بالاتفاق داعية إلى تطبيقه “الفوري والكامل”.
ودعا وزير الخارجية لوران فابيوس في بيان إلى “عملية شاملة مدعومة من المنطقة والمجتمع الدولي تؤدي إلى تسوية نهائية لازمة شمال مالي”.
ومع أن الاتفاق الموقع في 18 يونيو العام الماضي، بين باماكو والمجموعات المسلحة في واغادوغو، أتاح تنظيم الانتخابات الرئاسية في يوليو وأغسطس، فان المباحثات في العمق بشان مصير شمال مالي لم تبدأ حتى الآن.
وفي باماكو يؤجج ما حدث مشاعر الناس وتسعى المعارضة إلى الإفادة من ذلك.
فقد دعا حزب المنافس السابق للرئيس المالي في الانتخابات سوميلا سيسي وحزبان آخران معارضان الى استقالة الرئيس ورئيس الوزراء وحكومته.
واعتبرت هذه القوى المعارضة أن الرئيس وزيره الأول وحكومته “هم المسؤولون الرئيسيون عن مأساة كيدال وإهانة مالي”.