أخيراً بدأ الأمل يلوح بانفراج قريب لمأساة طالما عانت منها مقاطعة كنكوصه، لكنه أمل مشروط بوقت لا يعرف السكان متى يحين، لتفتح المدينة أحضانها للقادمين وترسل أبناءها حيث يشاؤون، وهي التي تعتبر الضلع الثالث لما كان يسمى “مثلث الفقر”، وباتت السلطات الرسمية تفضل تسميته “مثلث الأمل”.
كنكوصة التي يقطنها عشرات الآلاف من الفقراء والمعدمين ومحدودي الدخل، ظلت لعقود تعيش ظروفا صعبة بفعل العزلة وانعدام الخدمات الأساسية، مما عرض حياة المواطنين للخطر الدائم.
الأمل بدأ يلوح رويدا رويدا، بقرب انتهاء أشغال طريق كيفه – كنكوصه المسفلت، لكن ذلك الأمل معلق إلى إشعار جديد، فرغم أهمية الطريق ومحوريته لا تزال أشغاله تراوح مكانها، مع قرب انتهاء المهلة التي لم يبق منها إلا أشهر معدودة، لتتبدد أحلام لاحت في التاسع عشر من يوليو قبل ثلاث سنوات، حين أعطى رئيس الجمهورية محمد ولد عبد العزيز إشارة الانطلاق.
واقع “مثلث الفقر” ومقاطعة كنكوصة تحديداً، جعل أرواح مئات المرضى تفيض سنويا، بفعل صعوبة التنقل والسفر لإجراء الفحوص أو حتى تلقي العلاج بمدينة كيفه عاصمة ولاية لعصابة (حوالي 100 كيلومتر)، حيث تعرف الوضعية الصحية بمقاطعة كنكوصه “حالة مزرية” برأي بعض السكان، وذلك بفعل غياب البنية التحتية، ونقص الأطباء والمعدات وفوضوية القطاع وانتشار الأدوية المزورة.
“الظروف المعيشية اليومية تعتبر كابوسا يؤرقنا” يقول أحد المواطنين لصحراء ميديا، مبررا ذلك بأنه نتيجة ارتفاع أسعار المواد الغذائية، وغياب أي دور لحماية المستهلك. وأضاف أن أسعار اللحوم والمنتوجات المحلية ارتفعت إلى مستويات قياسية هذا العام، بفعل الجفاف ونقص الأمطار، مما يهدد بانتشار أمراض يسببها سوء التغذية.
تعرف كنكوصة انقطاعا متكرراً لشبكة المياه، ولفترات طويلة، مع وجود اتهامات لإدارة الشركة بترشيد البنزين الذي يزود المولد المسؤول عن تشغيل المضخة الرئيسية، وهي الاتهامات نفسها التي عصفت بالمدير السابق لفرع الشركة بالمقاطعة، وقد شهدت المدينة الشهر الماضي، اعتصامات وتظاهرات وتهديدات بالتصعيد من طرف المواطنين المتذمرين من العطش.
مشروع زراعة الخضروات الذي أعطى رئيس الجمهورية قبل شهرين منه انطلاقة الموسم الزراعي، “لا يبدو منتجا مثله في ذلك مثل مزرعة التحسين السلالي للأبقار” بحسب رأي أحد المواطنين. معلقا بأن المواطنين يعلقون عليه آمالا جساما في توفير الاكتفاء الذاتي في مجال الغذاء، وفتح فرص عمل جديدة للشباب والعاطلين، “ذهبت كلها أدراج الرياح” في منطقة تتميز ببحيرتها الغنية.
ويضيف المواطن نفسه بأن غياب الإدارة بشكل ملحوظ، “شكل عبئا إضافيا على المواطنين الذين يلجؤون عادة إليها لحل بعض المشاكل والنزاعات، إلا أنهم يقابلون بأبواب موصدة في أوجههم ويضطرون للبقاء أياما في انتظار مقابلة الحاكم، مما يصيب بعضهم بالملل”.
وناشد عدد من المواطنين تحدثوا لصحراء ميديا، السلطات العليا في البلد التدخل لحل المعضلة، وتسهيل ولوجهم للإدارة، والخدمات العامة.
وفي انتظار بزوغ شمس الأمل الذي يعبر عنه بجلاء طريق كنكوصة ـ كيفة، في “مثلث الأمل”، تبقى جملة أخرى من المشاكل عالقة في انتظار عصا سحرية، أو إرادة تفضي لحل قريب ينهي معاناة جزء كبير من المواطنين البسطاء..سكان المثلث.