أنشئ هذا المجمع بتمويل إسباني في ثمانينيات القرن الماضي، ليصبح ثاني مستشفيات العاصمة بعد مركز الاستطباب الوطني أو ما يسميه أهل نواكشوط “الطب الكبير”.
كان هذا المجمع من قبل سرة نواكشوط، قبل أن تمضي العاصمة في اتجاهاتها المجنونة، وتمد أطرافها بعيدا منه، أصبح اسم المجمع أكبر منه، وصفته تدل على نقيضه.
كانت هذه النقطة محجاً ثابتا لكبار الزوار من المملكة الاسبانية، زارها ذات صباح في تسعينيات القرن الماضي الملك الإسباني السابق خوان كارلوس وعقيلته صوفيا؛ بعيدة هي صباحات “كلينك” اليوم من ذاك الصباح.
تقول صباحات “كلينك” إن كل أطراف نواكشوط مازالت تحن إليه، العابرون شمالا وجنوبا، حتما يمرون من هنا، وبعض القادمين من الشرق يعد محطة لهم، مستقرين أو عابرين، أما المساء فترتحل أمة “كلينك” كما أتت، وتتنفس المنطقة الهدوء، لا شيء منظم هنا، غير الفوضى.
قبالة المجمع محطة لبيع البنزين ملاصقة للصيدليات، ومحلات بيع الخشب والحديد، وأمامه أشتات من باعة الفواكه، والملابس المستعملة، وأطعمة جاهزة، مظهرها جدير بسد الشهية، والعزم على الصوم ألف عام.
بعد اختراق طوق طاولات الباعة المفروض ليلا ونهارا على المجمع، وأطلال لباعة يفترشون وبضاعتهم الأرض، تقول اللوحة إنك أمام العيادة المجمعة، فى الظاهر هي كذلك على قبح، وفى الثنايا والغضون لوحات أخرى، فهنا تجتمع ثلاث متناقضات: الطب، والشعوذة والأمراض، ما ظهر منها وما بطن.
الزائرون لهذه المنطقة أنواع، إما قاصد لحاجة، أو عابر إلى طرف من أطراف المدينة، أو مستشف داخل المجمع أو خارجه، أو سارق يترصد ضحيته في الزحمة وأخلاط البشر، وقلة من أمثالي ممن يتصيدون هكذا متناقضات، أو باحث عن سارق، فهنالك من يقولون إن الشرطة تنتظرهم هنا، كما تُنتظر الطياش عند المناهل أزمان التحاريق؛ أصابع النشل السحرية ترقبك دائما وأنت تتجول هنا، قلّ من ينجو منها.. غريبة فعلا هي عوالم “كلينك”.
نمضي ونترك المجمع وعوالمه على أمل لقياه وقد أعد لما أريد له، إن لم تطله يد البيع بالمزاد حال مدرسة العدالة القريبة منه، تركه على هذا الحال يقود إلى ذلك، ألم يقولون “إذا أردت قتل كلبك فاتهمه بالجرب”، كلينك أجرب، وعوالمه جرباء معدية.