نظم المركز الثقافي المغربي بنواكشوط يوم الثلاثاء 26 نوفمبر 2013 محاضرة تحت عنوان ” رحلة محمد الأمين بن عبد الله الحجاجي. عنوان التثاقف والوصال، ملاحظات في الصلات بين المغاربة والشناقطة، قدمها الأستاذ الدكتور محمدن بن المحبوبي، رئيس شعبة اللغة العربية بالمعهد العالي للدراسات والبحوث الإسلامية.
في بداية المحاضرة رحب الدكتور محمد القادري، مدير المركز الثقافي المغربي بالحضور المتميز من أساتذة وباحثين ووسائل إعلام وطلبة، حيث نوه بأهمية هذه المحاضرة التي تندرج في إطار المواضيع التي يحرص المركز على إيلائها عناية خاصة والمتمثلة في المواضيع التي تجسد التواصل الثقافي والروحي بين المغرب وبلاد شنقيط عبر الأجيال المتعاقبة.
كما ذكر مدير المركز الثقافي المغربي بالمحاضرات التي سبق أن نظمها وقدمها أو شارك فيها الدكتور المحبوبي والتي تناولت المواضيع التالية:
-حضور العلماء المغاربة في الدرس الشنقيطي: القاضي عياض نموذجا،
-فاس في الذاكرة الشنقيطية،
-التأثير الأندلسي في الثقافة الموريتانية،
-رحلة البشير بن امباركي : عنوان التثاقف بين المغاربة والشناقطة،
-تطور الأساليب النثرية في بلاد شنقيط: قراءة في فن الترسل والأقفاف.
من جهته، شكر الدكتور محمدن بن المحبوبي المركز والحاضرين، مشيرا إلى أن الشخصية الفذة التي تتناولها هذه المحاضرة بالدرس تتمثل في محمد الأمين بن عبد الله الحجاجي المولود سنة 1255 هـ – والمتوفى 1296 هـ، وهو عالم جليل أخذ معارفه في بيت أهله ثم ارتحل يافعا في حدود العشرين من العمر لأداء فريضة الحج، ومر بالبلاد المغربية وذلك على عهد السلطان مولاي عبد الرحمن، فطاب له المقام هنالك، فاتصل بالعلماء وحاورهم ثم أكمل رحلة الحج ليعود إلى المغرب من جديد ملقيا عصا التسيار، فتوطدت صلته بالأمراء والعلماء وطفق يؤلف مؤلفاته التي من أبرزها :
-المجد الطارف والتالد في الرد على أسئلة أحمد بن خالد،
-الإرتجال في مناقب سبعة رجال ومن اشتهر بمراكش أو دخلها من صلحاء الرجال،
-السعادة الأبدية في التعريف بمشاهير الحضرة المراكشية ،
-نضم إضاءة الأدموس من شرح صاحب القاموس للهلالي،
-شرح منظومة إضاءة الأدموس…
وبالجملة، فإن رحلة هذا الحجاجي تعد من أبز الرحلات العلمية التي عادت على الناس بالنفع العميم، فموسوعية صاحبها هيأته لأن ينثر الدر النفيس بكل المراكز الثقافية التي مر بساحتها، لكن الذي يؤسف له كثيرا أن أحداث هذه الرحلة لم تدون، وأن مضامينها لم تسجل بشكل دقيق، وإنما بقيت مجرد ذكريات عابرة وأقصوصات تتردد على الأسماع بقصد الترفيه والإمتاع، وبذلك حرمنا صاحبها من علوم كثيرة، وأحداث متنوعة مثيرة، غير أن المتتبع لمحطات الرحلة ومستوياتها المختلفة يمكن أن يستكشف بعد النظر والتأمل، ذلك أنها تناولت طرفا مهما من الصلات الثقافية بين المغرب وبلاد شنقيط، فقد التقى الرجل خلال السفر المبارك كثيرا من العلماء المغاربة حاورهم وحاوروه، وآزرهم وأزروه، فطاب له هنالك التلبث والمقام، فسارع إلى الكتابة والتأليف، مخلفا آثارا مهمة تسابق علماء القوم إلى تقريضها والتنويه بها.
وأكثر من ذلك، فإن هذا الحجاجي كان على صلة وثيقة بالسلطات الرسمية والحواضر العلمية، فأفاد واستفاد، وأملى واستملى، وأفتى واستفتى، وأفهم واستفهم، ومدح وامتدح، فظفر بالحظوة والتقدير، ونال الصدارة والتقديم.