مصدر أكد لصحراء ميديا أن التغطية 8% فقط، نافياً ما أكده رئيس قسم SNDE من أنها تصل إلى 60%
النعمة ــ الرجل بن عمر
لا يزال في مدينة النعمة شرقي موريتانيا من تؤرقه جرعة ماء، خوفا من مضاعفات صحية قد تسببها مياه الآبار المالحة التي يتهافت عليها السكان تحت وطأة العطش في مدينة ذات طبيعة جبلية حارة تعيش على وقع احتجاجات شبه يومية طلبا لمياه الشرب كان آخرها “يوم العطش” الذي نظمه يوم أمس السبت بعض من سكان الأحياء الأقل حظا في الولوج إلى مياه الشرب.
السكان المحتجين حملوا على ظهور الحمير أواني وبراميل مياه فارغة للتعبير عن معاناتهم وقلقهم وسط مخاوف من مضاعفات صحية جراء لجوئهم لمياه الآبار المالحة عندما يتعذر الوصول إلى حنفيات تتوفر على مياه صالحة للشرب.
أخديجة بنت احمدو وهي إحدى نساء حي “كلبه” وسط النعمة، روت قصة بحثها عن الماء في سياق مأساوي خاص يأخذها إلى حنفية حي الصفحة 1؛ في ساعات الفجر الأولى علها تتمكن من ملء بعض أوانيها المحمولة.
أخديجة؛ وفي سياق حديثها لصحراء ميديا؛ أعربت عن قلقها من المضاعفات الصحية التي تعاود أمها المسنة كلما تعذر حصولها على مياه الحنفية، على الرغم من توفرها على اشتراك بشبكة مياه الشرب حيث بلغت آخر ضريبة اشتراك 20.000 أوقية مع شبه انقطاع للمياه إلا في ساعات من الليل، وفق ما أكدته منت أحمدو.
وفي سياق متصل سجلت حسنية بنت أحمد، القاطنة بأحد أحياء النعمة، بانزعاج شديد “الوضع المتردي” لخدمات الشركة الوطنية للمياه بالمدنية SNDE معربة عن “قلقها البالغ من خطورة تمادي الساكنة في شرب مياه الآبار التي ترتفع بها نسبة الملوحة”، وفق تعبيرها.
ورغم تعطل العديد من حنفيات مياه الشرب في مدينة النعمة بسبب انخفاض مستوى منسوب المياه بالمنبع الرئيسي “لبحيرة أبحيرة” بالجنوب الشرقي، إضافة إلى انحسار مستوى المياه بحي “الصفحة 1″، أحد أقرب الأحياء الشعبية للمنبع، يصر بعض مسيري تلك الحنفيات على الصمود في وجه موجة الجفاف التي عرفتها المدينة في السنوات الأخيرة.
من أولئك سيدينا ولد ابراهيم، صاحب حنفية بحي الصفحة 1؛ حيث يمضي وقته في توزيع مياه ثاني حنفية بالحي على الشرائح الأكثر فقرا بعد أن احتبست المياه عن حنفيته الأولى بحي “كلبه”.
ويرجع ولد ابراهيم تفاقم أزمة العطش لما يصفه بتحكم البعض بالأنابيب وتوجيهها لجهات بعينها مما يلجئ بسطاء الدخل لمياه الآبار المالحة، على حد تعبيره.
مؤكدا في سياق حديثه لصحراء ميديا أن حنفيات أحياء “كلبه” و”الصفحة” و”العدالة” و”الزي الكبلي”؛ كلها أحيلت للتقاعد.
المواطن المالي الجنسية؛ سامبوره حمدي الذي يدير أكبر حنفية تزويد بمياه الشرب على مستوى المدينة، لا يخفي استيائه من الآثار السيئة المترتبة على تقطع حصته من المياه على الرغم من قربها من المنبع الرئيسي وسط تكدس عشرات عربات بيع المياه منذ ساعات الفجر الأولى في انتظار ارتفاع منسوب المياه.
سامبورة نفى لصحراء ميديا أن يكون قد توصل بأي ردود مقنعة من الجهات المختصة مع أنه تقدمن بعدة شكايات من أعطاب فنية أدت إلى شلل تام بشبكة المياه في الآونة الأخيرة، على حد تعبيره.
مع مرور الوقت يشتد ضغط السكان في طلب المياه ويزداد العبء على أصحاب عربات بيع المياه من رواد حنفية حي الصفحة 1؛ حيث يرابط هؤلاء بالطابور من الثانية فجرا حتى منتصف النهار قبل الظفر ببرميل ماء.
محمد عبد الله ولد الخير صاحب عربة بيع مياه؛ يقول إن لديه طلبات عديدة من سكان أحياء “الجديدة” و”الشوفية” و”جامبور” و”انجادي” و”لخويمه” و”جار عاشور” و”الزر الكبلي”، وبأسعار مغرية تصل الـ 1000 أوقية.
نفس الشيء يؤكد عليه مولاي اسماعيل ولد معط الهه؛ صاحب عربة بيع مياه يشكو ندرة الماء على الرغم من تواجده بالطابور منذ الثانية فجرا.
معربا في سياق حديثه لصحراء ميديا قلقه بشأن تراجع مداخلهم منذ فترة إذ من العسير حصولهم على أكثر من برميلين في اليوم كله بسبب منافسة الصهاريج التي تقلها السيارات.
ومع استسلام البعض ومغادرة الحنفيات تحت ضغط أزمة العطش وتكدس الديون بفعل تراجع المداخيل؛ يحمل مولاي ولد عبد الله، مالك إحدى الحنفيات، إدارة الشركة الوطنية للمياه (SNDE) في ولاية الحوض الشرقي “كامل المسؤولية وراء قطع المياه عن حنفيته بعد أسبوع واحد من قضائه جميع ديونها التي بلغت 235.000 أوقية وصرف 100.000 في بعض أعمال الترميم”.
مؤكدا في ذات السياق؛ أن “سوء التسيير والزبونية التي تطبع قطاع المياه في ولاية الحوض الشرقي” إلى جانب تحكم ما يصفه بـ”لوبيات الفساد” هي سبب “حرمان الفقراء من أبسط حاجياتهم اليومية”، على حد تعبيره
تراجع منسوب المياه..
من جهته يعيد رئيس فرع الشركة الوطنية للمياه بولاية الحوض الشرقي؛ بلاتي ولد سيدي بله؛ أزمة مياه الشرب في مدينة النعمة إلى ما يصفه “بنقص المياه وتراجع منسوبها عن مستواه الطبيعي بالمنبعين الرئيسيين بمحطتي (أبحيرة والشامية)”.
مضيفا في سياق حديثه لصحراء ميديا؛ أن إدارته “تعمل على إطلاق حفرين من المتوقع إسهامهما في التخفيف من معانات السكان”؛ مشيرا في السياق ذاته “توفيرهم تغطية يومية تتراوح ما بين 50 إلى 60% من حاجة السكان لمياه الشرب”، على حد تعبيره.
فيما نفى مصدر تحدث لصحراء ميديا طلب حجب هويته، أن تكون نسبة التغطية قد تجاوزت أكثر من 8%؛ مؤضحا أن “السياسة المنتهجة حاليا من قبل إدارة الشركة وكذا الوزارة الوصية هي سياسة تجاهل بامتياز؛ حيث يشرب قليلون ليموت كثيرون”؛ وفق تعبيره.
ووسط أنباء عن قرب انتهاء الأشغال بمشروع مياه “أظهر”، يظل حتما على ساكنة النعمة أن تنتظر إلى جانب سلسلة قرى ريفية ضربها العطش مؤخرا كقربة “أنياي” 45 كلم قرب ولاته؛ قرى بدورها تنتظر ساكنتها أن تجلب إليهم مياه الشرب من مدينة النعمة التي تعاني هي الأخرى وتنتظر من يجلب لها مياه الشرب.