“تراجع الحريات النقابية.. ومشاكل القضاء ووضعية السجون، خرق القوانين والمعاهدات الدولية.. أبرز محاور التقرير
أكد الأستاذ احمد سالم ولد بوحبيني؛ نقيب المحاميين الموريتانيين؛ أن تقرير منظمة العفو الدولية لسنة 2012 صنف موريتانيا من ضمن الدول التي “أطلقت قواتها الرصاص الحي على المتظاهرين مما خلف مصابين وقتلى”، وقد وقع هذا في كل من مقامة وكيهيدي ونواكشوط وأخيرا في اكجوجت .
وقال نقيب المحامين في تقريره التقليدي حول العدالة؛ والذي أصدره بعد أن تجاهلت السلطات طلبا له للمشاركة في لقاء الشعب؛ إن الأمر يتعلق كذلك بـ”خرق للتعهدات التي قطعت موريتانيا على نفسها أمام الأمم المتحدة خلال الاستقصاء الدوري الشامل لشهر يناير 2012″ ، حيث تعهدت الدولة بجعل “حد للجوء لأساليب التعذيب واستخدام القوة المفرط من قبل القوات النظامية والأمنية”، كما تعهدت بوضع استراتيجية وطنية حقيقية لمحاربة العبودية .
ورصد تقرير نقيب المحاميين الموريتانيين ما أسماها “التجاوزات الخطيرة لحقوق الإنسان وتراجع الحريات في البلد”؛ معتبرا أن حرية الصحافة ترجعت بشكل واضح؛ فالفصل التعسفي للصحفي ماموني ولد المختار بسبب آرائه يشكل “فضيحة غير مسبوقة وهو ما ضمن له وقوف الصحافة بمختلف أطيافها إلى جانبه “؛ كما تم تهديد الصحفي عبد القادر بـ”القتل من طرف مسؤول الحزب الحاكم بلعيون”؛ و تعرضت جريدة السفير لحملة قوية من قبل الحزب الحاكم (مرة أخرى الحزب الحاكم ) عن طريق بيان رسمي صادر عن القطاع الإعلامي بالحزب ، هاجم فيه الجريدة وقام بنشره على نطاق واسع.
وأشار التقرير؛ إلى أن هذه ليست هي المرة الأولى التي يتحامل فيها الحزب الحاكم على الصحافة ، فقد سبق أن تعرضت مواقع الأخبار وأخبار نواكشوط لحملات مماثلة؛متسائلا : إذا كانت الصحافة “مكممة” إلى هذا الحد هل بإمكاننا الحديث عن حريات في البلاد ؟
وعرج تقري نقيب المحاميين على الحريات النقابية مؤكدا أنها لم تكن بمنأي عن المضايقة عبر “تعسف الوزارة الوصية” التي عمدت إلى تعليق راتب الأمين العام للنقابة المستقلة لأساتذة التعليم الثانوي محمدن ولد الرباني بعد “إدانته لبعض تجاوزات وزير الدولة للتهذيب”؛ لتنضاف إليه إجراءات مماثلة راح ضحية لها كل من السادة “وان منتقى بإعدادية فم لكليته ، عالي ندوم بثانوية مقامة و ديال إبراهيما بإعدادية رينديوو بعد أن مارسو حقهم في الإضراب” .
وأضاف التقرير؛ أن العقوبات المسلطة في حق النقابيين لم تتوقف عند هذا الحد ، بل تم “طرد الأمين العام لفرع تجكجة عبد الله ولد سيدين كما تم إعفاء جميع النقابيين من المسؤوليات ومن منسقية التأديب ومن الرقابة على الامتحانات وبكلمة واحدة من المسؤوليات بوجه عام”؛ وفق تعبير التقرير .
وقال تقرير النقيب أحمد سالم ولد بوحبيني حول العدالة في موريتانيا؛ إن نقابات الصحة شجبت منذ أيام “التحويلات التعسفية والجماعية لأربعة أطباء رئيسيين بولاية لبراكنة”؛ أما القضاة فقد وأدوا مشروع وداديتهم ليصطفوا – رغما عنهم – في الجمعية المنشأة من قبل وزارة العدل؛ موضحا أنه عندما تكون “النقابات مهانة إلى هذا الحد ليس بإمكاننا الحديث عن حريات في البلد”؛ يضيف التقرير.
وتطرق التقرير لما أسماها “ممارسة التعذيب والمعاملات السيئة في حق السجناء”؛ ومنها وفاة السجين ممادو تراوري (مالي الجنسية) بسجن دار النعيم والتي تعتبر “فضيحة هي الأخرى و يدل على أن شروط الأمم المتحدة في حدها الأدنى و المتعلقة بمعاملة الأشخاص مسلوبي الحرية لم يتم احترامها” ؛ مشيرا إلى أن الاكتظاظ الملاحظ على مستوى سجن نواذيبو وظروفه الصعبة “أمرا مقلقا حيث يتواجد فيه 151 سجينا من بينهم 23 أجنبيا “، حيث قام الحرس بتعذيب “سبعة سجناء بتقييد أيديهم وأرجلهم خلف ظهورهم لمدة 48 ساعة” ، كما قاموا بسلب أحدهم وهو اسماعيل من ممتلكاته ، يتعين هنا التذكير بالتزام الحكومة الموريتانية السابق ذكره أمام الأمم المتحدة أثناء “الاستقصاء الدوري الشامل بجعل حد للتعذيب بالبلد تطبيقا للمعاهدة الدولية المصادق عليها من طرف موريتانيا “؛.
ووصف تقرير نقيب المحامين؛ وضعية سجن دار النعيم بأنها ليست بأفضل حالا ومن أجل سرد أرقام محددة ، هنالك بعض “السجناء الذين لا يزالون ينتظرون مثولهم أمام القاضي منذ 2006” ، ينتظرون هذا الحق الأولي لكل شخص مسلوب الحرية وهو حقه في أن تعرض قضيته في أسرع وقت ممكن على قاض محايد .
في بلد يلجأ فيه للتعذيب والممارسات المهينة وغير الإنسانية بشكل دائم ، في بلد يمكن للشخص فيه أن ينتظر ست سنوات حتى يحاكم أليس بالإمكان الجزم بسيادة التعسف فيه وبعدم احترام حقوق الإنسان وبتراجع الحريات؟ يتساءل ولد بوحبيني في تقريره.
وتطرق التقرير بالتفصيل لموضوع نظام الحراسة النظرية؛ فضلا عن نظام المساعدة القضائية الذي يعتبر اليوم “غيابه في أي بلد بمثابة اعتداء على حقوق الإنسان “.
واستطرد تقرير نقيب المحامين الموريتانيين؛ مسألة “تنافر القوانين وخرقها” مستدلا بعزل القاضي محمد الأمين ولد المختار؛ فضلا عن حرمان الهيئة الوطنية للمحامين من زيارة السجون، تماما كما وقع مع اللجنة الوطنية لحقوق الإنسان التي منعت من زيارة سجون روصو ونواذيبو.
واعتبر النقيب أحمد سالم ولد بوحبيني؛ أنه في بلادنا يعتبر “التنصت غير الشرعي على الهواتف ممارسة رائجة مما يشكل خرقا سافرا للحياة الخصوصية للمواطنين “.. وفي بلادنا تم “اختطاف 14 سجينا منذ 23 مايو 2011 و تم حجزهم في سجن غير معروف” لا من قبل محاميهم ولا عائلاتهم خلافا للقانون الدولي الذي يفرض “أن يتم احتجاز الأشخاص مسلوبي الحرية في أماكن احتجاز معترف بها رسميا ” مهما كان الجرم الذي ارتكبوه ومهما كانت خطورته .
وأكد التقرير أن موريتانيا “تخرق على هذا النحو المعاهدة الدولية من أجل حماية الأشخاص ضد الاختفاءات القسرية التي وقعتها في سبتمبر 2011”.
واختتم الأستاذ أحمد سالم ولد بوحبيني نقيب المحاميين الموريتانيين تقريره عن وضعية العدالة في موريتانيا بالقول إنه ومع توافر أمور من قبيل “التعذيب، المعاملات غير الإنسانية المخلة، القمع بالقوة للتظاهرات ،الحد من حرية الصحافة، الحد من الحريات النقابية، الحد من استقلالية القضاء، الحد من استقلالية المحامين”؛ نعم يمكننا بالفعل الحديث عن “تراجع في الحريات في البلد ، هذا ما أشهد عليه وأؤكده”؛ يقول نقيب الهيئة الوطنية للمحامين.