مستشفيات موريتانيا تعيش يومها الخامس بدون أطباء
نواكشوط ـ محمد ناجي ولد أحمدو
الهدوء يلف باحات المستشفى الوطني في العاصمة الموريتانية، أمر غير عادي في المؤسسة الاستشفائية الأكبر في البلد، فيما علقت فرق المداومة في أقسام الطوارئ والعناية المركزة وتصفية الكلى والولادة أشرطة برتقالية على أعضاد عناصرها.
الطاقم الطبي الموريتاني في إضراب، هو الاكبر من نوعه في تاريخ البلد، بإمضاء من منسقية نقابات الصحة، التي تطالب بما تسميه علاوات الخطر والعدوى ورواتب لم يستلمها بعض عناصر الكادر الصحي، وأشياء أخرى.
ويدور جدل في العاصمة الموريتانية حول نسبة المشاركة في الإضراب، ففيما قالت وزارة الصحة إنها لا تتجاوز العشرين في المائة، قالت منسقية نقابات الصحة إنها تجاوزت جدار التسعين في المائة.
يلح الطاقم الطبي على “أن الغرض من الإضراب، ليس الإضرار بالمواطنين، بدليل أن الحالات الاستعجالية وما شابه تسير كما كانت، وإنما يهدف إلى الضغط على الجهات المعنية حتى تلبي مطالب الكادر الصحي المشروعة” على حد تعبير حبيب الله ولد أحمد الناطق باسم منسقية نقابات الصحة.
ويجادل المضربون بأنهم استوفوا كل الوسائل المتاحة قبل اللجوء إلى خيار الإضراب، غير أنه بغض النظر عن الجدال الدائر حول من أضرب ومن واصل العمل، فإن مستشفيات موريتانيا تعرف شللا تاما منذ الخميس الماضي، حيث أجلت عشرات العمليات الجراحية غير المستعجلة.
المواطنون، كنوع من البحث عن البديل، يمموا شطر العيادات والمصحات الخاصة، والتي لم يشملها الإضراب بعد، وإن كانت منسقية نقابات الصحة قد هددت باستخدام المستشفيات الخاصة، كورقة ضغط في حال عدم تحقق أهداف الاضراب.
معركة لي الساعد بين النقابات والوزارة، قد تتحول الى معركة كسر العظم بين المرضى والاطباء، يقول سيدي أحمد، الذي أخبر بإلغاء موعد للمعاينة مع طبيب الأسنان في المستشفى الوطني، غير أن الدكتور محمد المصطفي ولد إبراهيم نقيب أطباء الأسنان، والمنسق العام للنقابات المضربة، يطمئن المواطنين، بأنه لو استدعى الأمر إقامة مستشفيات ميدانية، هو الاستيحاء من مناخ الثورات الذي يجتاح المنطقة العربية إذن.
الإضراب متواصل، إلى أن تتحقق المطالب، يقول المضربون، غير أن للجهة الوصية رأيا مغايرا في الموضوع فـ”طلبات الكادر الطبي تعجيزية” يعلق مسؤول في وزارة الصحة.
المرضى المتجمهرون في باحات المستشفى، والذين لا يعاين منهم إلا من كان في حالة الخطر، مما دفع بعض المرضى إلى التمثيل من أجل أن يحظوا بالعلاج، “نحن لا نستقبل الأطفال الذين يعانون من ارتفاع بسيط في درجة الحرارة، غير أننا نعالج فقط الاطفال الذين يتعرضون للقيء او الاسهالات المزمنة، وما إلى ذلك” يعلق الدكتور أخيار الناس ولد إبراهيم، رئيس فرقة المستعجلات في مستشفى الأمومة والطفولة في لكصر.
في قاعة العلاجات كان هناك طفلان يتلقيان العلاج، حيث استدعت حالتهما ان يدخلا في الحجز الصحي، وكان الدكتور ولد محفوظ وممرض معه يتابعان الوضع، فيما ركنت ثلاث ممرضات الى الاسترخاء في قاعة المداومة على بعد أمتار من المكان.
داخل المستشفى، كانت إجراءات تبديل الضمادات بالنسبة للنساء حديثات العهد بالعمليات القيصرية تجرى على عادتها، فـ”الأمر لا يحتمل الانتظار ولا الإضراب”، تقول مرافقة لإحدى المريضات.
في مستشفى الشيخ زايد، شرق العاصمة نواكشوط، يكاد الوضع يكون نسخة من المستشفيين الواقعين في قلب المدينة، غير أنه يختلف قليلا، حيث أنه تجرى فيه عديد العمليات الجراحية، التي لا تحتمل التأخير، مما أرغم المنسقية على مسايرة حاجات المرضى هناك.
تقول منسقية النقابات الصحية إنها شكلت خلية ازمة لرصد حاجة المستشفيات الوطنية الطارئة، غير أن مصادر في وزارة الصحة تؤكد أنه من غير المنطقي أن ينفذ الطاقم الصحي إضرابا مفتوحا، فيما ينتظر المرضى وأهاليهم بفارغ الصبر حسم المعركة بين الطرفين، من أجل عودة الخدمات الصحية “التي لا توصف بالجودة غالبا” تقول مريم مرافقة إحدى المرضى في مستشفى الشيخ زايد، عودتها إلى سابق عهدها.