نواكشوط ـ محمد ناجي ولد أحمدو
استقبل معروف ولد الهيبه حكم الإعدام الصادر بحقه من طرف قاضي المحكمة الجنائية خي ولد محمد جيد بالتكبير.. بعد إدانته بالمشاركة في عملية قتل السياح الفرنسيين والمشاركة في قيادة مواجهات سانتر امتير. هو أحد المصنفين على قائمة الإرهاب..
الشاب الأنيق، صاحب اللحية الكثة، يعرف نفسه بـ “العبد الفقير إلى ربه أبو قتادة الشنقيطي”.. ويعلن “تجديد البيعة للشيخ أسامة بن لادن”، في مقابلة حصرية مع جريدة “الأخبار” التابعة لـ”صحراء ميديا”، السنة الماضية.
يؤكد ولد الهيبه “خرجت لإعلاء كلمة الله والجهاد في سبيله منشدا في ذلك الجهاد والقرب إلى الله ومعاداة أعداء الله وأنا أقول ان الصورة التي يقدمها الأمن عني وعن أخواتي في التيار السلفي هي صورة بشعة يراد منها تبرير محاربتنا للناس.. وتصويرنا كقتلة والأمر ليس كذلك بل إننا والله نحب الشعب ونحترم الناس ونقدر الحياة والعرض.. وما حملتنا أقدامنا يوما لقتل نفس بغير حق.. ولكننا نقاتل في سبيل الله أعداء الله ولن نتراجع عن هذا السبيل حتى لو وضعوا الشمس في يميننا والقمر في يسارنا“.
عمل مهندسا ميكانيكيا في مصانع الأرز بروصو، وأصبح متخصصا في تشغيلها وصيانتها، وأمضى 6 سنوات في التجارة الحرة، حيث امتلك مخزنين في مدينة العيون لبيع الملابس والأحذية، كما عمل في البحرية كضابط صف في مشاة البحرية 9 أشهر، ثم أحيل الى اكجوجت للتدرب على الحرب البرية في الجيش الموريتاني.
يقول ولد الهيبه إن تدريبه في “البحرية لم يكن عن قناعة”، حيث كان ضمن قائمة من الجنود المفترض إرسالهم للمغرب في بعثة تستغرق سنة وأربعة أشهر ومنها الى إيطاليا، “لكن تخصص هذه البعثات في الموسيقى العسكرية لم يرق لي كثيرا.. فاستضعفت المهنة التي تشبه بالنسبة لي مهام النساء”؛ على حد تعبيره.
نداء “فاطمة” العراقية من سجن “أبو غريب”، كان المحفز الرئيس لولد الهيبه على اعتناق الفكر المقاتل.. قالت فاطمة على شاشة التلفاز “اقتلونا معهم دمرونا معهم إنهم يغتصبوننا في اليوم 11 مرة أين لي حياة وقد ذهب عرضي؟“.
“عقيدة الولاء والبراء” لمنظر القاعدة أبي محمد المقدسي، و”التوحيد الذي هو حق الله على العبيد” للشيخ محمد بن عبد الوهاب، و”اقتضاء الصراط المستقيم مخالفة أصحاب الجحيم” لشيخ الإسلام ابن تيمية، كتب عمقت فكر الرجل، وهو يخطو خطواته الأولى في “مقارعة الصليبين وأذنابهم”؛بحسب قوله.
“اقتنيت جهاز كمبيوتر وحملته بالكثير من الكتب والأفلام الجهادية.. وتدبرتها جيدا، وعرفت ان هذه هي الطريق الصحيحة للدفاع عن ديننا.. وأسست خلية الشيشان التي ضمت عددا من الإخوة الذين لمسنا فيهم الغيرة على هذا الدين”، يواصل ولد الهيبة.
غادر الرجل “قاعدته” الأولى في منزل أهله، إلى معسكرات “القاعدة” في 14 فبراير 2006، يوم كان يعني له الكثير قبل”التزامه”، هو “عيد الحب”، الذي يستذكر فيه الشباب من عمره “القديس سان فالنتينو”، ويهدون الورود الحمراء الى النصف الأخر، وهو إلى ذلك ذكرى زواجه.
يعلق ولد الهيبه “نفس اليوم هو عيد زواجي الأول والذي لا يزال مستمرا والحمد لله رغم الظروف الصعبة.. وهو يوم مبارك علي والحمد لله، لكنني ذهبت لتبادل الورود على أسرة وأرائك مع الحور العين بحثا عن الشهادة في سبيل الله وذلك هو النعيم الدائم“.
يرى ولد الهيبه ان السياح الفرنسيين الذين أدين ورفيقاه ولد شبرنو وولد سيدينا بقتلهم “ليسوا أهل ذمة حتى لو كانوا مجرد مدنيين، فبالنسبة لنا ليس في موريتانيا ولي أمر شرعي“.
طريقة أخذهم الامان عنده هي أن “يدفعوا الجزية عن يد وهم صاغرون لأمير المؤمنين ابي عمر البغدادي أو الملا عمر في افغانستان“.
في “جاهلية” معروف تعرف على غربيات، تعارف تحول فيما بعد.. إلى “صدام وكره” على ما يبدو: “عرف المجتمع الغربي في موريتانيا وواقع وما يقوم به وحملات التنصير والتجسس.. وفي زمن الجاهلية كنت اعرف أمريكيات قاطنات بموريتانيا منهن فتاة اسمها “ارين” تعمل في الأمم المتحدة و”مانويلا” وهي أمريكية سوداء من شيكاغو و”سوفي” وهي أمريكية أيضا.. وكانت أحداهن تقول لي أنهن عندما يقضين عشر سنوات او 15 سنة من العمل في بلد معين تكون الواحدة منهن مؤهلة لتكون سفيرة لأجهزة الاستخبارات.. وكانوا يزودونني بهذه المعلومات لأنهن يعتقدن إنني شخص لن يصلح ثانية، بل إن إحداهن دعتني إلى الزواج لكنني كنت رجلا تقليديا من الناحية العاطفية والاجتماعية ولا أحب غير التقاليد الموريتانية“.
اعتقل معروف ولد هيبه في العاشر من ابريل 2008، وهو يرتدي زيا نسائيا، وهو الذي رفض مهنة الموسيقى العسكرية، لأنها “مهنة نسائية”.. بعد أسابيع من عملية هروب مثير نفذها من مباني قصر العدل الموريتاني، تلك رواية الأمن الموريتاني.
أما معروف فيقول:”غير صحيح.. لم اعتقل وأنا البس عباءة.. هذا تلفيق تعمده الأمن بغرض أن تتاح له مضايقة المقنعات وهو أمر سيء.. لقد اعترضني احد عناصر مكافحة الإرهاب في حي بغداد قرب المفوضية.. وقال لي انزع اللثام لانه يعتقد انني سيدي ولد سيدينا.. ليلتحق به بعض العناصر وقالوا له هذا ليس سيدي.. هذا معروف“.
يؤكد ولد الهيبة أنه مستعد للعودة الى المعسكرات في الصحراء ” لقد بعت نفسي لله.. فان شاء ربي يسر لي العودة الى شعاب المجاهدين، وإن شاء تركني في السجن او أعاد روحي إليه تحت وقع الرصاص.. يقول تعالى “ان الله اشترى من المؤمنين أنفسهم وأموالهم بان لهم الجنة يقاتلون في سبيل الله فيقتلون ويقتلون وعدا عليه حقا في التوراة والإنجيل والقرآن” صدق الله العظيم.. وأنا عندي يقين بأن ورائي رجالا صادقين يمتدون من الجزائر إلى أفغانستان“.
معروف ولد الهيبة أمام محكمة جنايات نواكشوط مايو الماضي، قدم مرافعة مطولة طالب فيها القضاء ب”أن يضع نصب عينيه لا خلف ظهره آية العدل المكتوبة في القاعة”، مؤكدا في مداخلته وجوب الحكم بما أنزل الله من خلال آيات قرآنية وأحاديث نبوية شريفه، قائلا: “إن الفرق بين العدالة الإسلامية والقوانين الوضعية، هو أن العدالة الإسلامية، تؤسس للحرية والإخاء، في حين تضع القوانين الوضعية أسس الظلم والجور”. مضيفا أن السبب في سجنه و زملائه هو السعي في إقامة الدين ومحاربة الكافرين، مؤكدا أنهم من ضحايا ما أسماه “محاربة الإسلام تحت شعار مكافحة الإرهاب“.
وأكد “أن أسباب الجهاد كثيرة في هذا العصر: من بينها ظلم المسلمين واحتلال أراضيهم، وتدنيس المصحف الشريف، واغتصاب النساء في العراق“.