رئيس حزب التجمع الوطني للإصلاح والتنمية “تواصل” في مقابلة شاملة مع صحراء ميديا
قال محمد جميل ولد منصور؛ رئيس حزب التجمع الوطني للإصلاح والتنمية “تواصل” المعارض في موريتانيا؛ إن “الوضع الاجتماعي والاقتصادي والأمني والسياسي في البلد يكفي لمن يريد سببا للتحرك أو مسوغا للاحتجاج”، نافياً أن يكون حزبه يريد ركوب موجة الاحتجاجات في المعهد والجامعة.
وأضاف ولد منصور في مقابلة شاملة مع “صحراء ميديا”؛ بأن حزب تواصل كان “طرفا مؤسسا ورئيسيا في الجبهة الوطنية للدفاع عن الديمقراطية التي أخذت على عاتقها إفشال الانقلاب العسكري أوت 2008”. وكان من المشجعين للحوار الذي أفضى إلى “اتفاق داكار لأن الأزمة طالت و حاجة البلاد للخروج منها كانت بينة”؛ وفق تعبيره.
مضيفاً بأن حزب “تواصل” لم يجد ما يبرر الطعن في مصداقية الانتخابات الرئاسية فانخرط فيما أسماه “المعارضة الناصحة” مهادنا إلى الحد الذي جمعهم مع الحزب الحاكم في لوائح مشتركة في انتخابات الشيوخ؛ ليقوم الحزب مساره استنادا إلى وثيقته السياسية ” إصلاح قبل فوات الأوان ” في مارس 2011 والتي أعادته إلى صفوف منسقية المعارضة الديمقراطية في موقف صارم وصف بالمعارضة “الناصعة أو الناطحة”؛ يقول ولد منصور.
وفيما يتعلق بالحوار ونتائجه أكد رئيس حزب “تواصل”؛ أن القضايا الجوهرية ذات الصلة بـ”الإصلاح السياسي لم تحظ بأي اهتمام ذي بال”، كما كانت نتائج الحوار المتعلقة بالوحدة الوطنية و محاربة الاسترقاق “شكلية تفتقد الصيغ الحاسمة و السلوك المشجع”؛ مشيرا إلى أن الاستثناء الوحيد هو بعض التقدم في “المسألة الانتخابية شوش عليه تقييد سلطة اللجنة المستقلة للانتخابات و استمرار النظام في أحادية لا تخفى على المتابع للسلوك الإداري و الإعلامي و السياسي للسلطة”؛ حسب قوله.
وعرج النائب المعارض عن حزب “تواصل” على وضعية التيار الإسلامي في موريتانيا؛ موضحا أنه “تيار حاضر و له مصداقية لا تخفى و لاشك أنه قادر على أخذ موقع محترم في المشهد السياسي عند تنظيم أي انتخابات شفافة و ذات مصداقية”؛ مضيفا أن الثورة هي “صنعة شعبية لا يستطيع حزب إطلاقها و لا يقدر نظام على إيقافها، و يبدو هذا النظام بأخطائه و ظلمه و فساده خبيرا في توفير أسباب الثورة عليه”حسب تعبيره.
وتحدث ولد منصور عن وضعية البرلمان الحالية؛ وحرب النظام على القاعدة؛ وقيم أداء الحكومة؛ وأوضاع المعهد العالي؛ وعلاقة حزبه بباقي الأحزاب السياسية الأخرى محليا وإقليميا؛ وأشياء أخرى في سياق المقابلة التالية.
الرد على أسئلة صحراء ميديا / محمد جميل بن منصور
صحراء ميديا: كنتم تقولون إنكم معارضة ناصحة، ثم تحولتم إلى معارضة ناصعة، وآخر حلقة في الموضوع أنكم تحولتم إلى معارضة ناطحة.. الأمر الذي عزاه مراقبون إلى ما وصفوه بتجاهل النظام لغصن الزيتون الذي مددتموه له عند وصوله إلى السلطة بعد اتفاق دكار.. ما ردكم ؟
جميل منصور: بعد الشكر المستحق لموقعكم المتميز أود أن أضعكم و القراء الكرام في الصورة كما هي متفهما ما يقوله آخرون ، لقد كنا طرفا مؤسسا و رئيسيا في الجبهة الوطنية للدفاع عن الديمقراطية التي أخذت على عاتقها إفشال الانقلاب العسكري أوت 2008 ، و كنا من المشجعين للحوار الذي أفضى إلى اتفاق داكار لأن الأزمة طالت و حاجة البلاد للخروج منها كانت بينة ، و لأننا لم نجد ما يبرر طعنا في مصداقية الانتخابات الرئاسية اللاحقة على الاتفاق اعترفنا بنتائجها و دعونا إلى بعث أجواء جديدة و تهدئة الساحة و العودة إلى الحوار ، و هنا فعلا طرحنا ما سميناه المعارضة الناصحة احتفاظا بالموقف المعارض و إعطائه بعدا يعطي فرصة للسلطة و يرجو منها بعض الخير ، ولكننا بعد سنة تزيد هادنا فيها إلى الحد الذي جمعنا مع الحزب الحاكم في لوائح مشتركة في انتخابات الشيوخ قومنا المسار و خلصنا إلى وثيقة ” إصلاح قبل فوات الأوان ” في مارس 2011 التي رسمت معالم الموقف الجديد وضوحا في نقد النظام و أحاديته و فساده و تبنيا للموقف المعارض الصارم و هو ما أدى بنا إلى الانضمام لمنسقية المعارضة الديمقراطية و أضحت معارضتنا توصف بالناصعة أو الناطحة .
صحراء ميديا: كيف ترون نتائج الحوار الذي جمع الأغلبية وبعض أحزاب المعارضة ؟
جميل منصور: لقد أصدرنا صحبة أحزاب المنسقية وثيقة تحلل نتائج هذا الحوار و نظمنا نشاط قصر المؤتمرات حول الموضوع ، و خلاصة الأمر أن القضايا الجوهرية ذات الصلة بالإصلاح السياسي لم تحظ بأي اهتمام ذي بال و أعني بها الإصلاحات الدستورية التي تحقق التوازن بين السلطات و الصلاحيات و تضفي مزيدا من الضمانات الديمقراطية ، و تضمن استقلالا حقيقيا للقضاء و تمهينا و حيادا واضحا للإدارة و تنهي هيمنة الجيش على السياسة و تفصل بينه و بين السلطة ، كما كانت نتائج الحوار المتعلقة بالوحدة الوطنية و محاربة الاسترقاق شكلية تفتقد الصيغ الحاسمة و السلوك المشجع ، و لعل الاستثناء الوحيد هو بعض التقدم في المسألة الانتخابية شوش عليه تقييد سلطة اللجنة المستقلة للانتخابات و استمرار النظام في أحادية لا تخفى على المتابع للسلوك الإداري و الإعلامي و السياسي للسلطة … إذن بالنظر لتطلعات الشعب الموريتاني و قواه السياسية الديمقراطية و استحضارا للجو الإقليمي و ما يشهده من حراك لصالح الحرية و الديمقراطية جاءت نتائج الحوار مخيبة للآمال مؤكدة أن هذه السلطة لا تحسن قراءة الواقع و هي عن استشراف المستقبل أعجز .
صحراء ميديا: ما هو تقييمكم لأداء حكومة مولاي ولد محمد لغظف ؟
جميل منصور: أداء الحكومة يعكس طبيعة السلطة و نظرتها للأمور ، و ليست هناك صعوبة في وصف هذا الأداء بالفشل ، فسواء نظرنا للسياسة الاقتصادية و مستوى الفساد المستشري في أكثر القطاعات الحكومية حساسية ، أو نظرنا للسياسة الاجتماعية و آثارها المدمرة على المواطن خصوصا محدود الدخل أو الفقير في موضوع الأسعار و في التعامل مع مخاطر الجفاف و في قضايا الكزرة و تنظيمها ، أو نظرنا لتزايد سياسة القمع و الاعتداء على المسيرات السلمية ( لا تلمي جنسيتي ، الانعتاقية ، العائدون من ليبيا ، أهل الكزرة ، طلاب المعهد العالي للدراسات و البحوث الاسلامية ، اعتصام الجامعة ) ، أو نظرنا للاعتقالات التعسفية و تصفية الحسابات و الحالة الأبرز هي حالة المهندس مولاي العربي ولد مولاي امحمد ، و آخرها اعتقال الطلاب و السيد وان بيران مسؤول لا تلمس جنسيتي أو نظرنا للسياسة الأمنية و ما تولده من أزمات و مشاكل و مخاطر في الحدود ، أو نظرنا للعلاقات المتوترة مع معظم جيراننا و من مختلف الجهات و آخر مظاهرها طريقة التعامل مع التطورات في مالي ، أو نظرنا لحالة الشلل في الإدارة و المركزية القاتلة التي يسير بها الشأن العام ….. سنجد أن خطوات محدودة في هذا المجال أو ذاك لا تؤثر على هذه الصورة السالبة و الأداء الفاشل .
صحراء ميديا: شككتم في شرعية البرلمان الحالي من خلال ما وصفتموه بعدم دستورية قرار التمديد كيف تسمحون لأنفسكم بحضور الجلسات واستلام المرتبات في وضع غير دستوري؟
جميل منصور: رغم أنني شخصيا لم أتحدث في هذا الموضوع كثيرا فإن الذي لا يختلف عليه اثنان أن السلطة هي المسؤولة مسؤولية حصرية عن الوضعية التي أصبح فيها البرلمان ، فهي تعلم بالآجال المحددة و تدرك أن الحالة المدنية تقتضي إجراءات و خطوات تجعل المواطنين في وضع يسمح لهم بالانتخاب و مع كل هذا لم تحرك ساكنا و لم تقم بتحضير بحجة انتظار حوار ظلت ترفضه و تسخر منه و لما قبلته أرادته مشوها و دون ممهدات تضمن له السلامة و المصداقية ، هذا من ناحية و من ناحية أخرى أوضح الزملاء الذين بحثوا الموضوع القانوني أن البرلمان الحالي بالنظر لإشكال الآجال و تجاوزها لا يمكنه البت في القضايا المهمة و الجوهرية و أنه حسبه ضمان استمرارية المؤسسات العامة للدولة ، و الذي لا تردد فيه أن مراجعة الدستور أهم وثيقة قانونية للدولة في أجواء غير توافقية و من طرف برلمان متكلم في شرعيته خطأ كبير لن يعدم نوعه في سلوك هذا النظام .
صحراء ميديا: يرى البعض أن تياركم يعمل من اجل جعل توقيف التسجيل في المعهد العالي مطابقا لتوقيف عربة البوعزيزي، ما مدى صحة الاتهام ؟
جميل منصور: موضوع المعهد العالي للدراسات و البحوث الإسلامية موضوع واضح للجميع ، مؤسسة علمية عريقة تراد لها نهاية مهينة من خلال تجفيف منابعها من حيث التسجيل و التجدد ، و فتح جامعة إسلامية في لعيون و الذي يعتبر مكسبا حقيقيا لا يصلح مبررا لإغلاق المعهد العالي ، و الطلاب طبقا لما سمعت و رأيت أوضحوا أن تلبية مطالبهم ستوضح حقيقة ما يريدون و هل في الإمر ما هو ظاهر و ما هو خفي …. و عموما فالوضع الاجتماعي و الاقتصادي و الأمني و السياسي فيه ما يكفي لمن يريد سببا للتحرك أو مسوغا للاحتجاج
صحراء ميديا: هل أصبح التيار الإسلامي في موريتانيا جاهزا لولوج الربيع العربي من بابيه الواسعين الثورة والانتخابات ؟
جميل منصور: التيار الإسلامي في موريتانيا تيار حاضر و له مصداقية لا تخفى و لاشك أنه قادر على أخذ موقع محترم في المشهد السياسي عند تنظيم أي انتخابات شفافة و ذات مصداقية ، أما الثورة فهي صنعة شعبية لا يستطيع حزب إطلاقها و لا يقدر نظام على إيقافها ، و يبدو هذا النظام بأخطائه و ظلمه و فساده خبيرا في توفير أسباب الثورة عليه .
صحراء ميديا: هل ينسق حزبكم مع الأحزاب الإسلامية في دول الربيع العربي والمغرب وما شكل التنسيق ؟
جميل منصور: نحن نعتز بعلاقات التشاور و التعاون التي تربطنا بعدد من الأحزاب السياسية من بينها بعض الأحزاب المذكورة ، و قد قمنا بتهنئة الأحزاب التي حظيت بثقة شعوبها في تونس و المغرب و مصر و نتطلع إلى توثيق التعاون معها فيما يخدم الهوية الإسلامية لأمتنا و ما يعزز دولة العدل و الديمقراطية .
صحراء ميديا: ما تفسيركم للقاء الرئيس بقادة من جماعة التبليغيين، وما هو الخطر في تاسيس حزب سياسي بقياديين سابقين في تنظيم الاخوان المسلمين ؟
جميل منصور: أولا نحن ننظر إلى جماعة الدعوة و التبليغ بتقدير و احترام كبيرين نظرا لدورها في الدعوة و التوجيه ، و نتبنى مدرسة التكامل و التعاون بعيدا عن أجواء الاتهام و الصراع في التعامل بين العاملين في حقل الدعوة ، أما من الناحية السياسية فلا مشكلة مع أي حزب سياسي شكله من أشرتم إليهم أو غيرهم ، و عموما فالمعلومات المتداولة بأن شخصيات إسلامية ستؤسس حزبا سياسيا جديدا بإيعاز من السلطة لا تبدو دقيقة .
صحراء ميديا: نلاحظ غياب اهتمام الطبقة السياسية بالدرك الموريتاني المختطف من مقر عمله في عدل بكرو، ما السبب وكيف سيتم تحريره من وجهة نظركم ؟
جميل منصور: لقد تحدثنا في هذا الموضوع و جددنا الحديث فيه بمناسبة التصريحات غير المسؤولة لوزير الخارجية ، و نعتبر موضوع هذا الدركي دليلا واضحا على درجة الإهمال من ناحية و اللامسوؤلية من ناحية أخرى ، و بالمناسبة فنحن نعتبر السياسة الأمنية للنظام خاطئة و تدخل البلد في أوضاع مكلفة على مختلف المستويات ، و نرى أن محاربة الإرهاب و توفير الأمن للبلد و مواطنيه و ضيوفه يمكن تحقيقه دون مغامرات غير محسوبة أو الارتهان لأجندة أجنبية حسابات أصحابها غير حساباتنا في الحد الأدنى .