الحوار.. رحلة من “قاعة المناديل” إلى “قاعة الذكريات”
لم يكن مشهد القاعة التي غصت بالمفاوضين يوحي بارتفاع محتمل في درجات الحرارة، غير أن ذلك لم يمنع من وضع أكياس مناديل على الطاولة، تلك الطاولة التي ستطرح عليها ملفات كافية ليتصبب “العرق السياسي” من كل فصيل، حينها ستلعب المناديل دوراً مهماً في حوار ينظم في شهر إبريل متقلب المزاج.
على غير العادة اختلطت مجالس القوم، وغابت المراسم الشكلية لليسار واليمين، وهو أمر قد يعود إلى كثرة أعداد الوفود، أو ربما إلى مزحة أطلقها أحد الصحفيين وهو يقترح عدم احترام المواقع و”الاختلاط في القاعة”، وهو ما استجاب له الجميع عن غير وعي، وهم لا يستحضرون منع “الترحال السياسي”، يتندر أحد الحاضرين.
“اختلاط” اليسار باليمين، والمعارضة بالموالاة، والنقابيين برجال الأعمال، كل ذلك شكل فسيفساء قاعة الحوار، وفي وسط المشهد الملحمي، كانت سيدة واحدة تجلس على طرف الطاولة، وحدها بين عشرات الرجال، دون أن تشارك في مجالسهم الجانبية أو نكاتهم الممزوجة بشيء من الدبلوماسية المبتذلة، بدت السيدة في موقع المراقب لحوار قد تغيب عنه “الدبلوماسية الناعمة”.
بعد طول انتظار بدأت أولى جلسات الحوار، كان وزير الاتصال أول المتكلمين، فبدا واثقاً مما يقول وهو يتحدث بلغة وصفت بالتصالحية، مبدياً استعداد حكومته لتطبيق ما تتفق عليه الأطراف، كالعادة كان خطاب ولد محم رصيناً وقوياً يحمل في طياته الكثير من الرسائل المبطنة، ما صعب مهمة عضو وفد الأغلبية محمد المختار ولد الزامل، وهو يترجمه بشكل فوري وارتجالي.
تباين الخطابين في ظل حضور خطاب المعاهدة التوفيقي، وغياب افتتاح رسمي للحوار على غرار حوار ألفين وأحد عشر وما رافقه آنذاك من تغطية إعلامية وحضور رسمي ودبلوماسي، كل ذلك لم يمنع الاحتفاء به.. فأخيراً بدأ الحوار، يقول أحدهم !