مرحباً بالشناقطة وشاعرهم إبّاه بن عبد الله
أهلاً بشيخ العلم والآداب … ومشرّف الأسماء والألقابِ
البارع الشهم اللبيب المقتفى … في فضله كمحمد بن شهابِ
تاج الشيوخ ونجم أرباب التقى … الكوكب الدرّيّ ليث الغابِ
[إبّاه] يا صرح الإباء ومن به … فخر الحواضر مرتجى الأعرابِ
يزهو اليراع إذا هززت نصابَه … ويسُحّ من طربٍ كسيلِ عبابِ
كضياء شيبك همةً وجلالةً … وسناء مجدك مورد الطلابِ
ومضاء عزمك صارماً في غمده … أو هزّ مسلولاً بغير إهابِ
وأتت خريدة شعركم مياسةً … في الخزّ رافلةً بحُسْن شبابِ
حوراء أزرى تاجها وحليَّها … بالشمس ساطعة بغير حجابِ
قطعتْ سباريت الديار وسبسباً … ومهامهاً فِيحاً بغير رِكابِ
تمشي على استحياء من فرط التقى … في دولة الحرّاس والحُجّابِ
وسرتْ بليل التمّ ضوّع طيبها … أرض الحجاز ملاعباً وروابِ
[أبّاه] والسحر الحلال نفثته … هاروت أو ماروت رجع عتابِ
حيِّ الشناقطة الكرام وذكرهم … لله من حسَبٍ ومن أنسابِ
المطعمون إذا الرياح تناوحتْ … والطاعنون وكلّ قرمٍ كابي
أهل النوادي والبوادي والقرى … شُمّ المعاطس مسعدو الجوّابِ
أهل المحابر والمنابر والعلا … وهم النجوم بدتْ بدون سحابِ
عاتبتُ راعدَهم فأمطر مزنهم … وسألتُ وافدَهم فهزّ ركابي
مَنْ غيركم حفظ العلوم مطارحاً … أبطالها ببداهةٍ وصوابِ
بل من سِواكم عمّروا أوقاتهم … والكل في شنقيطَ خِدن كتابِ
لله أنتم ما أعز نفوسَكم … ما قوسُ حاجب ما رماحُ حبابِ
من كان يحفظ في الأنام دراهماً … كثرتْ على الكُتّاب والحُسّابِ
فزمانكم حفظ العلوم صحيحةً … عن مالكٍ وخليل والخطّابي
وإذا توسد خاملٌ في ليله … ريشَ النَّعام وناعم الأثوابِ
فوسائد الأبرار منكم ربوةٌ … في الرمل أو خشبٌ من الأقتابِ
وإذا أُصيبَ بتخمةٍ ذو بِطنةٍ … ضخم القفا من مطعم وشرابِ
فبطونكم مربوطة بعزائمٍ … وغذائها الترتيل خير زهابِ
سقياً ورعياً للمعاهد والحمى … من أرض شنقيطٍ رُبى أحبابي
وفداؤكم يا صِيدُ كلُّ مقصّرٍ … من حاسدٍ فسلٍ ومن عيّابِ
لو تنطق الجوزاء صاغت مدحكم … في سحر قافيةٍ وحسْن خطابِ
حتى الثريا لو تُخيَّر موطناً … حجلتْ إلى شنقيطَ حجْلَ غرابِ
لو كان يقعد فوق شمسٍ معشرٌ … كنتم قعوداً في أعزّ جنابِ
لله أنتم ما أرقّ طباعكم … كالشهد في ماء الغمام مذابِ
الضاد يشهد أنكم أبناؤه … إن قيل في ذ الأنساب والأحسابِ
قاومتمو جيش الغزاة أشاوساً … بمصاحفٍ ومحابرٍ وحِرابِ
لم يهدموا صرح العقيدة فيكمو … والويل للمسلوب والسلاّب
بلّغْ سلامي للشناقطة الألى … عكفوا كداودٍ أخي المحرابِ
اللاّبسين الليل لبس مقاتلٍ … لدروعه في هيئة الحرّابِ
فكأنهم سِرٌّ برأسِ مفكّرٍ … أو همةٌ في عزمةِ الوثّابِ
في الزهد مثل أويسِ حسبُك قدوةً … في الجود ثم دبيسِ طِيبَ جَنابِ
متأسّفاً متلطّفاً متعطّفاً … متلهّفاً للصِّيد من أصحابي
أخلاقك الغرّ الكريمة أبهجتْ … روحي وأغنتْني عن الإسهابِ
ودفعتَ بالبرهان كلّ مكابرٍ … من مُلحدٍ أو مارقٍ أو صابِ
فكأنّك السيف استُلين للامسٍ … وفعاله في الحرب حزُّ رِقابِ
أصبحتَ في شنقيطَ حاملَ رايةٍ … للحقِّ تهزم طغمة الأحزابِ
عمرو القنا في مذحجٍ أو حاتمٌ … في طيّئٍ أو عامرُ الضّرّاب
سحرٌ حلالٌ أو عقودُ جواهر … ماءُ الغمامةِ في متون سَحابِ
وُفّقتَ في سَوْقِ الدليلِ مرتّباً … وبرعتَ في الإيجازِ والإطنابِ
وجعلتَ كلَّ لطيفةٍ أخاذةٍ … زهرَ الخميلةِ أو جنى العنّابِ
تصغي لك الأقلامُ وهْي صواغرٌ … يا دافعَ الجحّاد والمرتابِ
أنا لست مثلك في التجلّي والحِجا … وجلالةِ الإفصاحِ والإغراب
بل أنتَ أستاذي وعندك تلتقي … أسرابُ أشواقي ورَكْب طِلابي
فاعذرْ- فديتُك- إن جنى متمشعرٌ … عذرَ الخليل لألْكُنٍ بنجابِ
ما كانَ إنشادي عليكَ تطاولاً … بل عرضَ سلعتِنا على الجلاّبِ
أنتَ الذي فجّرتَ نهرَ قريحتي … لا ذكرُ زينبَ أو عهودُ ربابِ
مجدُ المحاضر عندنا تشدو به … دوح الحمائم في سفوح هضابِ
دُمْ رائداً للشِّعر خِدناً للعلا … مني المودّةُ ملؤها إعجاب